للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وجوب إيصاله إلى فقراء الحرم إذا لم يعينه موضع سواه فلأن إطلاق الهدي يقتضي ذلك. قال الله تعالى: {بالغ الكعبة} [المائدة: ٩٥]. ثم ينظر فإن كان الهدي مما ينقل نقل، وإن كان مما لا ينقل كالدور بيع وصرف ثمنه إليهم؛ لأنه لا يمكنه إهداؤه بعينه فانصرف إلى بدله، وعن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رجلا سأله عن امرأة نذرت أن تهدي داراً قال: تبيعها وتصدق بثمنها على فقراء الحرم».

وأما إيصاله إلى فقراء الموضع الذي عيّنه مثل: أن يعيّنه للمدينة أو للثغور وما أشبه ذلك فلأنه قصد نفع أهله فلزمه إيصاله إليهم كأهل مكة، وروي «أن رجلاً نذر أن ينحر بالأبواء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بوفاء نذره» (١) رواه أبو داود.

قال: (ويستحب أن يأكل من هديه. ولا يأكل من واجب إلا من دم المتعة والقران).

أما استحباب أكله من الهدي المتطوع به فلأن الله تعالى قال: {فكلوا منها} [الحج: ٢٨].

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من بدنه التي أهداها تطوعاً (٢).

ولا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون ذُبح من غير إيجاب وبين ما أوجبه ابتداء من غير أن يكون في ذمته شيء لاشتراكهما في أصل التطوع.

وأما مقدار ما يستحب أكله فقال ابن عقيل: يأكل الثلث، ويهدي الثلث، ويتصدق بالثلث كالأضحية.

والأولى أن يتصدق بجميعها إلا اليسير كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين نحر بدنه.

وأما عدم جواز أكله من هديٍ واجب غير المتعة والقران فلأنه وجب للفقراء فلم يجز الأكل منه كسائر الواجبات.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٣١٣) ٣: ٢٣٨ كتاب الأيمان والنذور، باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر.
(٢) كما في حديث جابر الطويل، أخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٨) ٢: ٨٨٦ كتاب الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>