للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاعدين درجةً وكلاً وعد الله الحسنى} [النساء: ٩٥]. أثبت للمجاهد والقاعد الأجر ولا يكون القاعد مأثوماً، ولو كان فرض عين لأثم. وإذا وجب في الجملة ولم يجب على الأعيان لزم كونه فرض كفاية.

وأما كونه لا يجب إلا على ذَكَرٍ فلما روت عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! هل على النساء جهاد؟ قال: جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» (١).

ولأن المرأة ليست من أهل القتال لضعفها وخوفها ولذلك لا سهم لها.

وأما كونه لا يجب إلا على حرٍّ فلما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع الحر على الإسلام والجهاد، ويبايع العبد على الإسلام دون الجهاد» (٢).

ولأن الجهاد عبادة تتعلق بقطع مسافة فلم يجب على العبد كالحج.

وأما كونه لا يجب إلا على مكلف فلأن الصبي والمجنون والكافر لا يجب عليهم سائر فروع الإسلام فكذلك الجهاد.

ولأن الصبي ضعيف عن القتال، والمجنون لا يتأتى منه، والكافر غير مأمون فيه.

وأما كونه لا يجب إلا على مستطيع فلأن غير المستطيع عاجز، والعجز ينفي الوجوب للمستطيع شرعاً. فعلى هذا لا يجب على مريض، ولا أعمى، ولا أعرج، ولا غير قادر على نفقته وما يحمله وما يقاتل به؛ لأن الله تعالى قال: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حَرَجٌ إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: ٩١].

وقال تعالى: {ليس على الأعمى حَرَجٌ ولا على الأعرج حَرَج ولا على المريض حرج} [الفتح: ١٧].

ولأن هذه الأعذار تمنعه من الجهاد.


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه (٢٩٠١) ٢: ٩٦٨ كتاب المناسك، باب الحج جهاد النساء.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٤: ٣٥٠ كتاب الحج، باب من قال بوجوب العمرة.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر. قال: «جاء عبد فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة. ولم يشعر أنه عبد. فجاء سيده يريده. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: بعنيه فاشتراه بعبدين أسودين ثم لم يبايع أحداً بعد حتى يسأله: أعبد هو؟ ». (١٦٠٢) ٣: ١٢٢٥ كتاب المساقاة، باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>