للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون قطع المياه عنهم وهدم حصونهم يجوز فلأن القصد إضعافهم وإرهابهم ليجيبوا داعي الله تعالى.

قال: (ولا يجوز إحراقُ نحل، ولا تغريقه، ولا عَقْرُ دابة ولا شاة إلا لأكلٍ يُحتاج إليه. وفي حرق شجرهم وزرعهم وقطعِه روايتان:

إحداهما: يجوز إن لم يضر بالمسلمين.

والأخرى: لا يجوز إلا أن لا يُقدر عليهم إلا به، أو يكونوا يفعلونه بنا.

وكذلك رميهم بالنار، وفتح المياه ليغرقهم).

أما كون إحراق النحل وتغريقه وعقر دابة أو شاة لغير أكل يحتاج إليه لا يجوز فـ «لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال ليزيد وهو يوصيه حين بعثه أميراً: يا يزيد! لا تحرقن نحلاً ولا تغرقه، ولا تَعقرن دابة عجماء ولا شاة إلا لمأكلة» (١) أخرجه سعيد بن منصور.

ولأن في ذلك إتلاف مال الغانمين من غير حاجة.

وإنما اشترط المصنف رحمه الله الحاجة في الأكل لأن قيمة الحيوان تكثر وتسمح بها أنفس الغانمين.

وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنه مثل الطعام. أي يجوز لهم ذبح الحيوان وأكله من غير حاجة كما يجوز لهم أكل الطعام.

وأما كون حرق شجرهم وزرعهم وقطعه يجوز في رواية فلقوله تعالى: {ما قطعتم من لِينة أو تركتموها قائمةً على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} [الحشر: ٥].

وروى ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّق نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة فأنزل الله تعالى: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها ... الآية} [الحشر: ٥]. ولها يقول حسان:

وهانَ على سَراةِ بني لُؤيٍ ... حريقٌ بالبويرةِ مستطيرُ» (٢)


(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٣٨٣) ٢: ١٤٨ كتاب الجهاد، باب: ما يؤمر به الجيوش إذا خرجوا.
وأخرجه مالك في الموطأ (١٠) ٢: ٣٥٨ كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٢٠١) ٢: ٨٢٠ كتاب المزارعة، باب قطع الشجر والنخل.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٧٤٦) ٣: ١٣٦٥ كتاب الجهاد والسير، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>