للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه يجعل في كل جنبة كفؤاً؛ فلما روى أبو هريرة قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فجعل خالداً على إحدى المجنبتين، وجعل الزبير على الأخرى، وجعل أبا عبيدة للساقة» (١).

ولأن ذلك أحوط للحرب وأبلغ في إرهاب العدو.

وأما كونه لا يميل مع قريبه وذي مذهبه على غيره؛ فلئلا ينكسر قلب من يميل عليه فيخذله عند الحاجة.

ولأن ذلك يُفسد القلوب ويشتت الكلمة.

قال: (ويجوز له أن يَبذل جُعلاً لمن يدله على طريق أو قلعة أو ماء. ويجب أن يكون معلوماً إلا أن يكون من مال الكفار فيجوز مجهولاً).

أما كون الإمام يجوز له أن يبذل جُعلاً فيما ذُكر فلأنه من مصالح المسلمين فجاز بذله كسائر المصالح.

وأما كون الجُعل يجب أن يكون معلوماً إذا كان من مال المسلمين؛ فلأنه جُعل فوجب أن يكون معلوماً كالجعل في المسابقة ورد الضالّة.

وأما كونه يجوز أن يكون مجهولاً إذا كان من مال الكفار فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الثلث والربع وسلب المقتول». وهو مجهول.

قال: (فإن جعل له جارية منهم فماتت قبْل الفتح فلا شيء له، وإن أسلمت قبل الفتح فله قيمتها، وإن أسلمت بعده سُلمت إليه. إلا أن يكون كافراً فله قيمتها. وإن فتحت صلحاً ولم يشترطوا الجارية فله قيمتها. فإن أبى إلا الجارية وامتنعوا من بذلها فُسخ الصلح. ويحتمل أن لا يكون له إلا قيمتها).

أما كون من جُعلت له الجارية لا شيء له إذا ماتت قبل الفتح فلأن حقه متعلق بمعيّن فيسقط بتلفه من غير تفريط كالوديعة.

وأما كونه له قيمتها إذا أسلمت قبل الفتح فلأنها عَصَمت نفسها بالإسلام فوجب له قيمتها لأن الحق إذا تعذر ردُّ عينه وجب رد قيمته أشبه ما لو أتلف مال غيره الذي لا مثل له.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٧٨٠) ٣: ١٤٠٥ كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>