للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ولا يخمس. وقال الخرقي: يخمس فيصرف خمسه إلى أهل الخمس وباقيه للمصالح).

أما كون الفيء لا يخمس وهو المنقول عن الإمام أحمد فلأن الله تعالى قال: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركاب ... الآيات} [الحشر: ٦] جعله كله لجميع المسلمين. ولذلك لما قرأها عمر قال: «هذه استوعبت المسلمين. ولئن عشت ليأتين الراعي بسرو حمير نصيبه منها لم يعرق فيه جبينه» (١).

وأما كونه يخمس على قول الخرقي فلأن الله تعالى لما قال: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دُولةً بين الأغنياء منكم} [الحشر: ٧] اقتضى أن يكون جميعها لهؤلاء الأصناف وهم أهل الخمس والآية المتقدمة وما جاء عن عمر وغيره يدل على اشتراك جميع المسلمين فيه فوجب الجمع بينهما كي لا تتناقض الآية والأخبار وتتعارض. وفي إيجاب الخمس جمعاً بينهما وتوفيق فإن خمسه لمن ذكر في الآية وسائره مصروف إلى من في الخبر.

ولأنه مال مشرك مظهور عليه فوجب أن يخمس كالغنيمة والركاز.

وروى البراء بن عازب قال: «لقيت خالي ومعه الراية. فقلت: إلى أين؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل عرس بامرأة أبيه أضرب عنقه وأخمس ماله» (٢).

فعلى هذا يصرف إلى أهل الخمس لأن المسمى في الآيتين واحد وباقيه للمصالح لما ذكر من الجمع.

والأول المذهب حملاً للفظ الآية الأولى على عمومه؛ وعملاً بقول عمر رضي الله عنه. والآية الأخرى تحمل على خمس الغنيمة.

قال القاضي: لم أجد بما قال الخرقي عن أحمد نصاً فأحكيه. وإنما نص على أنه غير مخموس.


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٣٥١ كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب ما جاء في قول أمير المومنين عمر رضي الله عنه ...
وأخرجه الشافعي في مسنده عن مالك بن أوس عن عمر (٤١٨) ٢: ١٣٠ كتاب الجهاد. نحوه.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى عن معاوية بن قرة عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فأمره فضرب عنقه وخمس ماله» ٨: ٢٠٨ كتاب المرتد، باب مال المرتد إذا مات أو قتل على الردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>