للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ويجوز عقد الأمان للرسول والمستأمَن ويقيمون مدة الهدنة بغير جزية، وقال أبو الخطاب: لا يقيمون سنة واحدة إلا بجزية).

أما كون الأمان يجوز للرسول والمستأمن فلأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك.

وأما كونهم يقيمون مدة الهدنة بغير جزية على الأول وهو ظاهر كلام أحمد وقول القاضي فلأنهم لما جاز أمانهم دون السنة بغير جزية جاز فيما زاد عليها بخلاف أهل الذمة.

وأما كونه لا يجوز على قول أبي الخطاب فلعموم قوله تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يَدٍ وهم صاغرون} [التوبة: ٢٩].

قال: (ومن دخل دار الإسلام بغير أمان فادعى أنه رسول أو تاجر ومعه متاع يبيعه قُبل منه. وإن كان جاسوساً خُير الإمام فيه كالأسير. وإن كان ممن ضل عن الطريق أو حملته الريح في مركب إلينا فهو لمن أخذه. وعنه: يكون فيئاً للمسلمين).

أما كون قول من دخل دار الإسلام فادعى أنه رسول أو تاجر ومعه متاع يُقبل فلأن ما ادعاه ممكن فيكون شبهة في درء القتل فلأنه يتعذر عليه إقامة البينة على ذلك.

وأما قول المصنف رحمه الله: ومعه متاع فشرط في قبول قوله أنه تاجر لأنه إذا لم يكن معه ذلك لم يحتمل صدقه.

وقوله: قُبل منه فيه إشعار بأنه لا يتعرض إليه. صرح بذلك هو وغيره من الأصحاب. أما الرسول «فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرسولي مُسَيْلمة: لولا أن الرسول لا يقتل لقتلتكما» (١) رواه أبو داود.

وأما التاجر فلأنه إذا جاء بماله ولا سلاح معه دل على قصد الأمان.

ولم يشترط المصنف رحمه الله هنا أن تكون العادة جارية بذلك لما ذكر من قصده الأمان. واشترطه في الكافي وصرح به غيره من الأصحاب لأن العادة جارية مجرى الشرط. فإذا لم تكن عادة ولم يدخل بأمان وجب بقاؤه على ما كان عليه من عدم العصمة.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٢٧٦١) ٣: ٨٣ كتاب الجهاد، باب في الرسل.
وأخرجه أحمد في مسنده (٣٨٥١) ١: ٤٠٦ كلاهما عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>