للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنه لا يؤمن أن تزوج بمشرك فيصيبها أو تفتتن في دينها.

وأما كون شرط رد صداقهن يبطل فلأن بضع المرأة لا يدخل في الأمان.

فإن قيل: فقد رد النبي صلى الله عليه وسلم المهر.

قيل: لأنه شرط رد النساء وكان شرطاً صحيحاً ثم نسخ فوجب رد البدل لصحة الشرط بخلاف حكم من بعده فإن رد النساء نسخ فلم يبق صحيحاً.

وأما كون شرط رد السلاح يبطل فلأنه يصير لهم به قوة.

وأما كون شرط إدخالهم الحرم يبطل فلقوله تعالى: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} [التوبة: ٢٨].

وأما كون العقد إذا شرط فيه شيء من ذلك أو شبهه يبطل ففيه وجهان مبنيان على الشروط الفاسدة في البيع. وسيأتي دليل ذلك في موضعه.

قال: (وإن شرط رد من جاء من الرجال مسلماً جاز، ولا يمنعهم أخذه، ولا يجبره على ذلك. وله أن يأمره بقتالهم، والفرار منهم).

أما كون شرط رد من جاء من الرجال مسلماً يجوز فلأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك (١).

وأما كون الإمام لا يمنعهم أخذه «فلأن أبا بصير جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فجاء الكفار في طلبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لا يصلح في ديننا الغدر، وقد علمت ما عاهدنا عليه، ولعل الله أن يجعل لك فرجاً ومخرجاً. فرجع معهم. فقتل أحدَهم ورجع النبي صلى الله عليه وسلم» (٢). فلم يلمه.

وأما كونه لا يجبره على ذلك فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجبر أبا بصير.

وأما كونه له أن يأمره بقتالهم والفرار منهم فلأنه رجوع إلى باطل فكان له الأمر بعدمه كالزوجة التي سمعت طلاقها بأذنها.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه في قصة الحديبية وفيه: «فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا». (٢٥٨١) ٢: ٩٧٤ كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد ...
(٢) ر تخريج الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>