للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وتقسم الجزية فيجعل على الغني ثمانية وأربعون درهماً، وعلى المتوسط أربعة وعشرون، وعلى الفقير اثنا عشر. والغني منهم من عدّه الناس غنياً في ظاهر المذهب).

أما كون الجزية تقسم بين أهل الكتاب فيجعل ثمانية وأربعون درهماً على الغني، وأربعة وعشرون على المتوسط، واثنا عشر على الفقير فلأن عمر رضي الله عنه هكذا فعل (١) بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه فكان إجماعاً.

فإن قيل: فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ لما وجهه إلى اليمن: «خذ من كل حالم ديناراً» (٢).

قيل: الجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أن الفقر كان فيهم أغلب. ولذلك يروى عن مجاهد أنه قيل له: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: ذلك من أجل اليسار.

وثانيهما: أن الجزية يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام وكان الدينار في ذلك الزمان اجتهاد إمامه والأربعة اجتهاد إمام زمنها.

وأما كون الغني من عدّه الناس غنياً في ظاهر المذهب فلأن المقادير توقيفية ولا توقيف في ذلك فوجب رده إلى العرف كالحِرز والقبض.

وفي قول المصنف رحمه الله: في ظاهر المذهب إشعار بأن فيه خلافاً وهو صحيح لأن فيه ثلاث روايات:

إحداها: ما تقدم.

وثانيها: أن من ملك نصاباً فهو غني قياساً على المسلم.

وثالثها: أن ملك عشرة آلاف ديناراً فهو غني لأن من ملك دون ذلك لا يعد في بعض البلاد غنياً.

والأول أصح؛ لما ذكر.


(١) أخرجه أبو عبيد في الأموال عن حارثة بن المضرب (١٠٣) ص: ٤٢، وعن محمد بن عبدالله الثقفي (١٠٤) ص: ٤٣ كتاب سنن الفيء، باب فرض الجزية.
(٢) سبق تخريجه ص: ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>