للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر المصنف في المغني أنه إن تقدم بلفظ الاستفهام مثل أن يقول: أتبيعني ثوبك بكذا؟ فيقول: بعتك لم يصح لأنه ليس بقبول ولا استدعاء، وإن تقدم بلفظ الماضي مثل أن يقول: ابتعت منك فيقول: بعتك صح لأنه متضمن معنى القبول حقيقة.

وقال أبو الخطاب: فيه رواية أنه لا يصح قياساً على تقدمه بلفظ الطلب.

وإن تقدم بلفظ الطلب مثل أن يقول: بعني ثوبك فيقول: بعتك فذكر القاضي فيه روايتين:

إحداهما: يصح؛ لأن ذلك يتضمن معنى القبول فصح كما لو كان بلفظ الماضي.

والثانية: لا يصح؛ لأنه لفظ لو تأخر عن الإيجاب لم يصح به البيع فلم يصح إذا تقدم كلفظ الاستفهام.

ولأنه عقد عري عن القبول فلم يصح كما لو لم يطلب.

وأما كون القبول إذا تراخى عن الإيجاب يصح ما دام المتبايعان في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطع البيع؛ فلأن المجلس مُنَزّلٌ منزلة العقد في كثير من الأحكام فليكن هاهنا كذلك.

وأما كونه لا يصح إذا تراخى عن الإيجاب حتى انقضى المجلس؛ فلأنه لما بَعُد صار كلا قبول.

وأما كونه لا يصح إذا تشاغلا بما يقطعه؛ فلأنهما إذا تشاغلا بذلك صارا كالمعرضين عن البيع فلم يصح بعد ذلك كما لو صرح بالرد.

قال: (والثانية: المعاطاة مثل (١) أن يقول: أعطني بهذا الدينار خبزاً فيعطيه ما يرضيه، أو يقول البائع: خذ هذا بدرهم فيأخذه. وقال القاضي: لا يصح هذا إلا في الشيء اليسير).

أما كون الصورة الثانية من صور البيع: المعاطاة. وهي منصوص الإمام أحمد واختيار المصنف؛ فلأن البيع موجود قبل الشرع وإنما الشرع علق عليه أحكاماً ولم يعين له لفظاً فيجب أن يرجع فيه إلى العرف كالقبض والحِرْز.


(١) في هـ: وهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>