للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: كالزنا والسرق والإباق والبول في الفراش فتعداد لأشياء ينقص بها الثمن وهي من فعل العبد.

وكل ذلك يثبت به الخيار لأن الزنا ينقص قيمة العبد ويعرضه لإقامة الحد ويقلل الرغبة فيه وربما أدى ذلك إلى تلفه، والسرق والإباق والبول في الفراش عيب في الكبير وهو الذي جاوز العشر. وهو المراد بقول المصنف رحمه الله: إذا كان من مميز وليس ذلك بعيب في الصغير لأن السرق والإباق في الصغير لنقصان عقله والبول لضعف بُنْيَتِه، وفيما بعد الكبر لخبث في طبيعته والبول لداء في باطنه.

وأما كون من اشترى معيباً لم يعلم عيبه له الخيار بين رده وبين إمساكه مع الأرش: أما الرد؛ فلأنه ظهر على عيب لم يعلم به فاستحق به الأرش كما لو تعيب عنده.

ولأنه فاته جزء من المبيع فكان له المطالبة بعوضه كما لو أتلفه بعد البيع.

فإن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم خيّر في المصراة بين الرد وبين الإمساك بلا أرش فيجب أن يكون هنا كذلك.

قيل: المصراة ليس فيها عيب وإنما ملك الخيار بالتدليس لا لفوات جزء فلذلك لا يستحق أرشاً.

ولأن إلحاق المعيب بالمصراة لا يصح لأن المصراة لا يرجع مشتريها بالأرش إذا تعذر الرد بخلاف المعيب فإنه يرجع بالأرش عند تعذر الرد وفاقاً من المخالف هنا.

وفي تقييد المصنف رحمه الله الخيار بعدم العلم إشعار بأنه إذا كان عالماً لا خيار له وهو صحيح لأنه دخل على بصيرة فلم يثبت له خيار كما لو صرح بالرضى به (١).

وأما كون الأرش قسطُ ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن؛ فلأنه لا يؤدي إلى محذور [بخلاف جعله قسط قيمته لأنه يؤدي إلى محذور] (٢) وهو اجتماع الثمن والمثمن للمشتري في صورة هي: ما لو كان الثمن نصف قيمته وكان الأرش نصف قيمته لأنه إذا اشترى ما قيمته عشرون بعشرة فوجد به عيباً أرشه عشرة فإذا أخذها اجتمع له الثمن والمثمن.

فإن قيل: ما مثال قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن؟


(١) ساقط من هـ.
(٢) مثل السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>