للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ومتى اشتراه بثمن مؤجل، أو ممن لا تقبل شهادته له، أو بأكثر من ثمنه حيلة، أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن ولم يبين ذلك للمشتري في تخبيره بالثمن فللمشتري الخيار بين الإمساك والرد).

أما كون المشتري له الخيار المذكور فيما إذا كان الشراء بثمن مؤجل ولم يبينه البائع له؛ فلأن الأجل يأخذ قسطاً من الثمن فإذا بان للمشتري ذلك وجب أن يثبت له الخيار استدراكاً لظلامته.

وأما كونه له ذلك إذا اشتراه ممن لا تقبل شهادته له؛ فلأنه متهم في حقهم لكونه يحابيهم ويسمح لهم.

وأما كونه له ذلك إذا اشتراه حيلة؛ فلأن ذلك تدليس وهو حرام فأثبت الخيار كتدليس العيب.

وأما كونه له ذلك إذا باع بعض ما اشتراه؛ فلأن قسمة الثمن على ذلك تخمين، واحتمال الخطأ فيه كثير.

وأطلق المصنف رحمه الله ثبوت الخيار هنا في بيع بعض الصفقة، وصرح في المغني بأن البيع إن كان مما ينقسم الثمن عليه بالأجزاء كالمكيل والموزون من صنف واحد جاز بيع بعضه مرابحة لأن ذلك لا يحتاج إلى تخمين بل الثمن مقسوم عليه بالأجزاء وذلك يستدعي عدم ثبوت الخيار لأن جوازه يستدعي نفي الضرر عن المشتري وإلا حرم كالذي لا ينقسم وإذا لم يتضرر فلا خيار وهذا صحيح يجب حمل كلام المصنف هنا عليه.

وفي ثبوت الخيار في الصورة المذكورة إشعار بأمرين:

أحدهما: أن البائع يجب عليه أن يبين ذلك كله للمشتري لأن كتمانه تدليس وذلك حرام لما تقدم.

وثانيهما: أن البيع مع الكتمان صحيح لأن غاية ما تقدم أنه بيع دلس فيه، وذلك لا يمنع الصحة دليله بيع المعيب.

ولأن الضرر يمكن استدراكه بثبوت الخيار فلم تدعُ حاجة إلى إبطاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>