للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون بيع لحم بحيوان من غير جنسه كلحم إبل بغنم ولحم غنم ببقر لا يجوز في وجهٍ فلعموم ما تقدم.

وروي عن ابن عباس «أن جزوراً نحرت على عهد أبي بكر رضي الله عنه (١) فجاء رجل بعناق فقال: أعطوني جزءاً بهذا العناق. فقال: لا يصلح هذا».

وهل يشترط في غير الجنس كونه مأكولاً؟ فيه وجهان:

أحدهما: يشترط. ذكره أبو الخطاب في رؤوس المسائل.

والثاني: لا يشترط. فلا يجوز بيع لحم غنم وشبهه بحمار ونحو ذلك لدخوله في عموم ما تقدم.

وصحح صاحب النهاية فيها الأول وعلله بأن المنع إنما كان لأجل الربا فإذا لم يكن مأكولاً لم توجد العلة فوجب أن يزول الحكم لزوال علته. وجعله المصنف في المغني ظاهر قول أصحابنا.

وأما كون بيع لحم بحيوان من غير جنسه يجوز في وجهٍ؛ فلأن النهي عن بيع اللحم بالحيوان إنما كان لاشتمال الحيوان على جنس اللحم؛ لأن ذلك يؤدي إلى الربا فإذا لم يكن من جنسه وجب الجواز لزوال العلة المقتضية للتحريم.

وقيل: هذان الوجهان مبنيان على كون جميع اللحم جنساً أو أجناساً. فإن قيل: جميعها جنس واحد لم يجز بيع اللحم بالحيوان مطلقاً، وإن قيل: أجناس جاز لأن التفاضل مع اختلاف الجنس لا يضر.

قال: (ولا يجوز بيع حب بدقيقه ولا سويقه في أصح (٢) الروايتين).

أما كون بيع حب بدقيقه أو سويقه لا يجوز في روايةٍ؛ فلأن كل واحد مكيل ويشترط في بيع المكيل بجنسه التساوي وهو متعذر هنا لأن أجزاء الحب تنتشر بالطحن.

وأما كونه يجوز في روايةٍ؛ فلأن الدقيق نفس الحب وإنما تكسرت أجزاؤه فجاز بيع البعض بالبعض كالحب المكسر بالصَّحاح.


(١) في هـ: عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) ساقط من هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>