وإنما اشترط علة ربا الفضل واحدة؛ لأنها إذا اختلفت كالمكيل بالموزون أو اتفقت كالثياب بالثياب يكون في جواز النسأ خلاف يأتي ذكره بعد إن شاء الله تعالى.
وأما قول المصنف رحمه الله: كالمكيل بالمكيل والموزون بالموزون فإشارة إلى ما فيه علة ربا الفضل على الصحيح من المذهب.
ومن جَعَل العلة الثُّمنية والطعم ينبغي أن يمثل بالمطعوم ولا حاجة له إلى قوله: ولم يكن أحدهما ثمناً؛ لأن الثمينة لا تتعدى إلى غير الذهب والفضة، ومن جعلها الوزن والطعم أو الكيل والطعم ينبغي أن يمثل بالتمر وما أشبهه.
وأما كون العقد يبطل إذا تفرقا قبل التقابض؛ فلأن ما اشترط قبضه في المجلس يبطل العقد بالتفرق قبله كالصرف.
قال:(وإن باع مكيلاً بموزون جاز التفرق قبل القبض، وفي النسأ روايتان).
أما كون التفرق قبل القبض فيما ذكر يجوز؛ فلأنه لو لم يجز لكان القبض شرطاً في جميع ما يحرم في النسأ وليس كذلك لأنه لو كان كذلك لما بقي ربا نسيئة لأن العقد يفسد بعدم التقابض، والإجماع منعقد على أن من أنواع الربا ربا النسيئة.
وأما كون النسأ فيه لا يجوز في روايةٍ؛ فلأنهما مالان من أموال الربا ليس أحدهما ثمناً فلم يجز النسأ فيهما كالمكيل بالمكيل.
وأما كونه يجوز فيه في روايةٍ؛ فلأنه لم يوجد فيه أحد وصفي علة الربا. فجاز النسأ فيه؛ كالثياب بالحيوان.
قال:(وما لا يدخله ربا الفضل كالثياب والحيوان يجوز النسأ فيهما. وعنه: لا يجوز. وعنه: لا يجوز في الجنس الواحد كالحيوان بالحيوان، ويجوز في الجنسين كالثياب بالحيوان).
أما كون ما لا يدخله ربا الفضل كالثياب والحيوان وما أشبه ذلك مما ليس فيه ربا الفضل المتقدم ذكرها يجوز النسأ فيه على المذهب؛ فلما روى عبدالله بن عمرو قال: