للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون القبض يصح لكل واحد من المدين ورب المال إذا اكتاله ثم تركه في المكيال وسلمه إلى غريمه فقبضه؛ فلأن الأول قد اكتاله حقيقة والثاني حصل له استمرار الكيل واستمرار الكيل كيل كما أن استدامة اللبس والركوب لبس وركوب.

قال: (وإن قبض المسلم فيه جزافاً فالقول قوله في قدره، وإن قبضه كيلاً أو وزناً ثم ادعى غلطاً لم يقبل قوله في أحد الوجهين).

أما كون القول قول القابض في قدر المسلم فيه المقبوض جزافاً؛ فلأنه منكر، والقول قول المنكر.

وأما كونه لا يقبل قوله إذا قبضه كيلاً أو وزناً ثم ادعى غلطاً في وجهٍ؛ فلأنه ادعى خلاف الظاهر فلم يقبل قوله.

وأما كونه يقبل في وجهٍ؛ فلأن الأصل أنه لم يقبض غير ما ثبت بإقراره.

قال: (وهل يجوز الرهن والكفيل بالمسلم فيه؟ على روايتين).

أما كون الرهن بالمسلم (١) فيه يجوز على روايةٍ؛ فلأن الله تعالى قال: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه -إلى قوله-: فرهان مقبوضة} [البقرة: ٢٨٢]. وجه الحجة منه: أن ابن عباس وابن عمر قالا: المراد به السَّلَم.

ولأن اللفظ عام فيدخل فيه السلم.

ولأنه أحد نوعي البيع فجاز أخذ الرهن بما في الذمة منه كبيوع الأعيان؟

وأما كونه لا يجوز على روايةٍ؛ فلأن الرهن إن أُخذ برأس مال السلم فهو آخذ للرهن بما ليس بواجب ولا مآله إلى الوجوب، وإن أُخذ بالمسلم فيه فالرهن إنما يجوز بشيء يمكن استيفاؤه من ثمن الرهن والمسلم فيه لا يمكن استيفاؤه من ثمن الرهن.

ولأنه لا يؤمن هلاك الرهن في يده بعدوان فيصير مستوفياً لحقه من غير المسلم فيه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» (٢) رواه أبو داود.


(١) في هـ: المسلم.
(٢) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>