وعن أبي الدرداء أنه قال:«لأن أُقرض دينارين ثم يُرَدّا ثم أقرضهما أحب إليَّ من أن أتصدق بهما»(١).
وفي قول المصنف: المندوب إليها إشعار بأنه ليس بواجب وهو صحيح لأنه من المعروف أشبه صدقة التطوع.
وأما كون القرض يصح في كل عين يجوز بيعها ما عدا المستثنى؛ فلأن مقصود القرض حاصل من ذلك لأنه ينتفع به ويتمكن من بيعه.
وأما كون بني آدم لا يصح قرضهم في وجهٍ؛ فلأنه لم ينقل ولا هو من المرافق.
ولأنه يفضي إلى أن يقترض جارية يطؤها ثم يردها.
وأما كونه يصح في وجهٍ؛ فلأن السلم فيهم جائز فصح قرضهم كالبهائم.
وأما كون الجواهر ونحوها مما لا يصح السلم فيه لا يصح قرضها؛ فلأنها لا تنضبط بالصفة ولا يمكن فيها رد المثل، ومقتضى القرض رد المثل.
وأما كونها يصح قرضها في وجهٍ وهو للقاضي؛ فلأن ما لا مثل له تجب قيمته والجواهر وشبهها كغيرها في القيمة.
وقول المصنف رحمه الله: في أحد الوجهين متعلق بالمستثنى لا بقوله: مما لا يصح السلم فيه. وقوله: فيهما راجع إلى بني آدم والجواهر ونحوها لأنه لو لم يقل فيهما لتوهم أن الوجهين في الجواهر دون بني آدم.
قال:(ويثبت الملك فيه بالقبض فلا يملك المقرض استرجاعه، وله طلب بدله، فإن رده المقترض عليه لزمه قبوله ما لم يتعيب أو يكن فلوساً أو مكسرة فيحرمها السلطان فتكون له القيمة وقت القرض).
أما كون الملك يثبت في القرض بالقبض؛ فلأنه عقد تمليك فيثبت الملك فيه بالقبض كالهبة.
وأما كون المقرض لا يملك استرجاعه؛ فلأنه أزال ملكه بعوض من غير خيار فلم يكن له الرجوع فيه كالبيع.
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٥: ٣٥٣ كتاب البيوع، باب ما جاء في فضل الإقراض.