للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن مع العادة يكون سبب ذلك العادة لا القرض فلا يكون ذلك نفعاً جره القرض.

فإن قيل: قول المصنف رحمه الله: بعد الوفاء بم يتعلق؟

قيل: يحتمل أن يتعلق بأهدى.

فعلى هذا يكون فعل ما يجر نفعاً غير مقيد وذلك يقتضي أن المقترض لو أسكن المقرض داره بغير عوض جاز إذا كان بغير شرط سواء كان ذلك قبل الوفاء أو بعده لأن المقترض فعل ذلك من غير شرط أشبه ما لو لم يكن للمقرض عنده شيء، ويحتمل أن يتعلق ذلك بقوله: وإن فعله بغير شرط.

فعلى هذا لا يجوز أن يسكنه داره ونحو ذلك قبل الوفاء لأنه يصير القرض قرضاً يجر نفعاً ويجوز بعده لأنه حينئذ لا دين له عليه أشبه من لم يقترض منه بالكلية. وهذا الاحتمال موافق لما في المغني والكافي فإن المصنف صرح بالمنع فيما ذكر قبل الوفاء. والاحتمال الأول ظاهر كلام المصنف هنا ويوافق قول طائفة من الأصحاب.

قال صاحب الهداية فيها: ولا يجوز كل شرط يجر منفعة مثل: أن يقرضه على أن يسكنه داره أو يعطيه أجود مما أخذ أو يكتب له به سفتجة إلى بلد آخر فإن بدأه المقترض بفعل ذلك من غير شرط جاز. ويؤيد هذا الاحتمال أن بعد الوفاء إذا لم يختص بالهدية يجب أن يكون طرفاً لما قبله من المسائل وذلك لا يصح في قوله: أو قضاه خيراً منه لأن القضاء يستحيل أن يكون بعد الوفاء لأن القضاء نفس الوفاء والشيء يستحيل أن يكون بعد نفسه.

فعلى هذا كل نفع يوجد بعد الوفاء يجوز لما تقدم وكل نفع يوجد قبله ينظر فيه فإن لم يكن بينهما عادة به: فعلى الاحتمال الأول وما نقله الأصحاب يجوز ما لم يكن هدية، وعلى الاحتمال الثاني وما نقله المصنف في المغني والكافي لا يجوز وهو أظهر دليلاً من حيث الأثر والمعنى: أما الأثر فعموم قوله عليه السلام: «كل قرض جر منفعة حرام» (١)، ونهي الصحابة المتقدم ذكرهم عن قرض جر منفعة (٢).


(١) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(٢) ر ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>