للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونهما واجبين في الكبرى دون الصغرى على روايةٍ: أما وجوبهما في الكبرى وهي الطهارة من الجنابة؛ فلأن الطهارة من ذلك يعم جميع البدن ويجب فيهما غسل ما تحت الشعور الكثيفة وما تحت الخفين.

وأما عدم وجوبهما في الصغرى وهي طهارة الوضوء؛ فلأن الله تعالى لم يذكرهما في الأعضاء المنصوص عليهما.

قال: (ثم يغسل وجهه ثلاثًا من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللَّحْيَيْن والذقن طولاً مع ما استرسل من اللحية ومن الأذن إلى الأذن عرضًا).

أما كون من تقدم ذكره يغسل وجهه فلما تقدم أول الباب.

وأما كونه يغسله ثلاثًا؛ فلأن أكثر من وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر «أنه غسل وجهه ثلاثًا» (١).

وأما كون الغسل من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللّحْيَيْن والذقن لهؤلاء؛ فلأن ذلك كله من الوجه لحصول المواجهة به. والمعتبر في منابت الشعر المعتاد. ولا عبرة بالأذرع. وهو: الذي شعره نابت في أعلا جبهته. ولا بالأصلع. وهو: الذي انحسر شعر رأسه عن مقدمه.

وأما قول المصنف رحمه الله: مع ما استرسل من اللحية فمعناه أنه يجب غسل المسترسل من اللحية. وفي ذلك روايتان:

إحداهما: أنه يجب كما ذكره المصنف رحمه الله لأنه شعر نابت في محل الفرض أشبه الحاجب.

ولأن الشعر المذكور يحصل به المواجهة. فوجب غسله كالبشرة.

والرواية الثانية: لا يجب؛ لأنه نازل عن محل الفرض أشبه الذؤابة.

وأما كون الغسل من الأذن إلى الأذن عرضًا؛ فلأن ذلك كله من الوجه لحصول المواجهة به.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٦٢) ١: ٧٢ كتاب الوضوء، باب المضمضة في الوضوء.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٣٦) ١: ٢١١ كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -. كلاهما من حديث عثمان رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>