قال المصنف رحمه الله:(يصح الصلح عن القصاص بديات وبكل ما يثبت مهراً. ولو صالح سارقاً ليطلقه، أو شاهداً ليكتم شهادته، أو شفيعاً عن شفعته، أو مقذوفاً عن حده لم يصح الصلح، وتسقط الشفعة. وفي الحد وجهان).
أما كون الصلح عن القصاص بديات وبكل ما يثبت مهراً يصح؛ فلأن المال لم يتعين فيه فصح بالدية وبأكثر منها وبأقل.
ولأنه (١) يصح إسقاطه فلأن يصح الصلح عنه بما ذكر بطريق الأولى.
وقول المصنف رحمه الله: وبكل ما يثبت مهراً فيه إشارة إلى أنه يصح بالشيء وإن قل؛ لأنه قابل ذلك بقوله: بديات وذلك عبارة عن كثرة الشيء المصالح به.
وأما كون صلح السارق ليطلق لا يصح؛ فلأن الرفع إلى السلطان ليس حقاً يجوز الاعتياض عنه.
وأما كون صلح الشاهد ليكتم شهادته لا يصح؛ فلأن كتمان الشهادة حرام فلا يصح الاعتياض عنه.
وأما كون صلح الشفيع عن شفعته لا يصح؛ فلأنها إنما ثبتت لإزالة الضرر فإذا رضي بالعوض تبين أن لا ضرر فلا استحقاق فيبطل العوض لبطلان معوضه ولهذه العلة تسقط شفعته.
وأما كون صلح المقذوف عن حده لا يصح؛ فلأنه ليس بمال ولا يؤول إليه بخلاف دم العمد.
وأما كون الحد يسقط ففيه وجهان مأخذهما: أن حد القذف هل هو للآدمي أو لله؟ فإن قلنا: للآدمي سقط؛ لأن الصلح منه دليل على الإسقاط.