قيل: أما الأول فيجب حمل الحديث عليه لما تقدم من أن مقتضى الدليل عدم جواز الانتفاع بملك الغير. ترك العمل به عند الضرورة للضرورة فيجب أن يبقى فيما عداها على مقتضاه.
وقال بعض أصحابنا: لا يشترط ذلك عملاً بعموم الخبر.
قال المصنف في المغني: أشار ابن عقيل إلى جواز ذلك وقال: ليس لنا مباح تعتبر في إباحته الحاجة. بدليل انتزاع الشقص المشفوع والفسخ بالخيار. فكذلك هاهنا.
وأما الثاني؛ فلأن قوله:«لا ضرر ولا ضرار»(١) يدل عليه فيجب أن يحمل حديث أبي هريرة عليه جميعاً بينهما.
وأما كونه له وضع خشبة على الحائط المشترك عند الضرورة المتقدم ذكرها على المذهب؛ فلأنه إذا كان له ذلك في حائط جاره مع أنه لا حق له فيه، فلأن يكون له ذلك في الحائط المشترك وله فيه حق بطريق الأولى.
وأما كونه له وضع خشبة على جدار المسجد عند وجود الضرورة وعدم الضرر على المذهب؛ فلأنه إذا جاز في ملك الجار مع أن حقه مبني على الشح والضيق ففي حق الله المبني على المسامحة والمساهلة أولى.
وأما كونه ليس له ذلك على روايةٍ؛ فلأن القياس يقتضي المنع. ترك في ملك الجار للخبر فيبقى في غيره على مقتضاه.
وأما كونه لا يضع خشبه على جدار جاره على روايةٍ مأخوذة مما ذكر من الرواية الثانية في جدار المسجد؛ فلأنه إذا لم يكن له ذلك مع أن له فيه حقاً؛ لأنه من المسلمين والمسجد مشترك بينهم؛ فلأن لا يكون له ذلك في ملك الغير المختص به بطريق الأولى.
(١) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..