ولأنه قال في الكافي: عاد بينهما كما كان برسومه وحقوقه؛ لأنه عاد بعينه. وصرح صاحب النهاية بذلك فيها، فقال: فإن بناه بآلته فهو بينهما على الشركة ولا يلزم شريكه أجرة البنائين، وليس لشريكه أن يمنعه أن ينتفع بأعيان ملكه.
وفيما ذكره الأصحاب نظر. وينبغي أن البانيَ يملك منع شريكه من التصرف فيه حتى يؤدي ما يخصه من الغرامة الواقعة بأجرة المثل؛ لأنه لو لم يكن كذلك لأدى إلى ضياع حق الشريك.
ولأنا إذا أجبرناه على العمارة نجبره على وزن أجرة البناء كما نجبره على وزن ثمن الآلات فيجب أنه إذا وزنها الشريك يرجع بها كما لو وزن ثمن الآلات فإنه يرجع بها.
ولأن الأصحاب اتفقوا على أن للشريك أن يمنع شريكه من التصرف فيما إذا بناه بآلة من عنده حتى يؤدي ما يخصه من قيمة البناء وذلك اسم الآلة مع التأليف فإذا وجب الرجوع بقيمة التأليف مع قيمة الآلة فما المانع من وجوب رد قيمة التأليف المنفرد.
وأما كون البناء للباني إذا بناه بآلة من عنده؛ فلأنه ملكه.
وأما كون الآخر ليس له الانتفاع به -والمراد قبل أداء ما يجب عليه-؛ فلأنه يتصرف في ملك الغير بغير إذنه.
وأما كون الباني يجبر بين أخذ نصف قيمته من شريكه إذا طلب الانتفاع به وبين أخذ آلته؛ فلأنه ليس له إبطال حق شريكه، وفي أخذ القيمة جمع بين الحقين، وفي أخذ الآلة تمكين للغير من استيفاء حقه.
قال:(وإن كان بينهما نهر أو بئر أو دولاب أو ناعورة أو قناة واحتاج إلى عمارة ففي إجبار الممتنع روايتان. وليس لأحدهما منع صاحبه من عمارته وإذا عمّره فالماء بينهما على الشركة).
أما كون الممتنع في الصورة المذكورة يجري فيه الخلاف المذكور؛ فلما تقدم قبل.
وأما كون أحدهما ليس له منع صاحبه من عمارته؛ فلما تقدم أيضاً.
وأما كون الماء بينهما على الشركة؛ فلأن عامر ذلك ليس له فيه عين بل أثر فيجب أن يعود بينهما على ما كان كما لو بنى الحائط المشترك بآلته، ويجيء في هذا ما تقدم من النظر؛ لأنه مثله.