وأما كونها تبطل بالموت والجنون والحجر للسفه؛ فلأن الوكيل يتصرف بطريق النيابة عن الموكِّل فإذا خرج الموكِّل عن أهلية التصرف بطلت نيابته.
ولأن الوكالة تعتمد الحياة والعقل وعدم الحجر فإذا انتفى ذلك انتفت صحة الوكالة لانتفاء ما تعتمد عليه.
وقول المصنف رحمه الله:"والحجر للسفه" مشعر بأن الحجر لغير السفه لا يبطل الوكالة.
وقال في المغني: وإذا حجر على الوكيل لفلس فالوكالة بحالها فإنه لم يخرج عن كونه أهلاً للتصرف، وإن حجر على الموكِّل نظرت في الوكالة فإن كانت في أعيان ماله بطلت؛ لانقطاع تصرفه فيها. وإن كانت في الخصومة، أو في الشراء في الذمة، أو الخلع، أو الطلاق، أو القصاص، فالوكالة بحالها؛ لأن الموكل أهل لذلك حينئذ.
وأما كون كل عقد جائز كالشركة والمضاربة ونحوهما كالوكالة فيما ذكر من البطلان وغيره؛ فلأن الكل مشترك معنى فكذا يجب أن يكون حكماً.
وأما كونها لا تبطل بالسكر والإغماء؛ فلأن من اتصف بذلك لا يخرج عن أهلية التصرف ولا يثبت عليه بذلك ولاية.
وأما كونها لا تبطل بالتعدي مثل أن يلبس الوكيل الثوب الموكل في بيعه؛ فلأن تصرفه في البيع تصرف بإذن موكله. أشبه ما لو لم يتعد فيه.
ولأن الوكالة اقتضت الأمانة والإذن فإذا بطلت الأمانة بالتعدي كان الإذن في التصرف باقياً.
وأما كونها لا تبطل بالردة على وجهٍ فقال المصنف في المغني: فإن كانت من الوكيل فلا تبطل الوكالة؛ لأن ردته لا تؤثر في تصرفه وإنما تؤثر في ماله، وإن كانت من الموكل ففيها وجهان مبنيان على صحة تصرف المرتد في ماله: فإن قيل: تصح فالوكالة بحالها، وإن قيل: لا تصح بطلت الوكالة؛ لأن النائب يحذو حذو المنيب.
وأما كونها لا تبطل بحرية عبده على وجهٍ؛ فلأن كل شيء لا يمنع ابتداء الوكالة لا يمنع استدامتها.