للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [في شركة الأبدان]

قال المصنف رحمه الله: (الرابع: شركة الأبدان. وهي: أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما. فهي شركة صحيحة، وما يتقبله أحدهما من العمل يصير في ضمانهما، يطالبان به ويلزمهما عمله. وهل يصح مع اختلاف الصنائع؟ على وجهين).

أما كون الرابع من أضرب الشركة شركة الأبدان؛ فلأنه يلي الثالث.

وأما قول المصنف رحمه الله: وهي أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما فبيان لمعنى شركة الأبدان.

وأما كونها صحيحة فلما روي عن عبدالله قال: «اشتركتُ أنا وسعدٌ وعمارٌ يومَ بدرٍ. فلمْ أَجئْ أنا وعمارٌ بشيء وجاءَ سعدٌ بأسيرين» (١) رواه أبو داود والأثرم.

ومثل هذا لا يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم.

فإن قيل: الغنائم مشتركة بين الغانمين بحكم الله فكيف يصح اختصاص هؤلاء بالشركة فيها؟ وقال بعض الشافعية: غنائم بدر كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان له أن يدفعها إلى من شاء فيحمل أن يكون إقراره لهم على ذلك لذلك.

قيل: أما الأول فلا يصح لأن غنائم بدر كانت قبل أن يشرك الله بين الغانمين فيها ولهذا نقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ شيئاً فهو له» (٢). فكان ذلك من قِبَل المباحات مَنْ سَبَقَ إلى أخذ شيءٍ فهو له.

وأما الثاني فهو مثل الأول؛ لأن الشركة كانت قبل نزول قوله تعالى: {قل الأنفال لله والرسول} [الأنفال: ١]. ويدل على صحة هذا أنها لو كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تخل:


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٣٨٨) ٣: ٢٥٧ كتاب البيوع، باب في الشركة على غير رأس مال.
وأخرجه النسائي في سننه (٤٦٩٧) ٧: ٣١٩ كتاب البيوع، الشركة بغير مال.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٢٢٨٨) ٢: ٧٦٨ كتاب التجارات، باب الشركة والمضاربة.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٣١٦ كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب الوجه الثالث من النفل.

<<  <  ج: ص:  >  >>