للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الثمرة إذا ظهرت فقد حصل المقصود فصار بمثابة مضاربته على المال بعد ظهور الربح.

وأما كونها تصح على روايةٍ؛ فلأنها إذا صحت على الثمرة المعدومة مع كثرة الغرر؛ فلأن تصح مع وجودها وقلة الغرر فيها بطريق الأولى.

والحديث دل بنصه على صحة المساقاة قبل الظهور وبتنبيهه على صحتها بعد الظهور وفارق المضاربة من حيث إنها بعد ظهور الربح لا تحتاج إلى عمل. واشترط المصنف رحمه الله لهذه الرواية في المغني والكافي أن يبقى من العمل ما تستزاد به الثمرة كالتأبير وإصلاح الثمرة والسقي. ثم قال في المغني: فإن لم يبق من العمل شيء تزيد به الثمرة كالجذاذ لم يجز. وهذا صحيح يجب حمل إطلاقه هنا عليه.

قال: (وإن ساقاه على شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يُثمر بجزء من الثمرة صح).

أما كون المساقاة على ما ذكر تصح؛ فلأن العمل وعوضه معلومان فصحت كالمساقاة على شجر موجود.

وأما قول المصنف: حتى يثمر ففيه تنبيه على أنه لو ساقاه على شجر يغرسه ويعمل عليه مدة لا يثمر في مثلها لم يصح لأن من شرط المساقاة أن يكون للعامل نصيب من الثمرة ولم يوجد.

قال: (والمساقاة عقد جائز في ظاهر كلامه لا تفتقر إلى ذكر مدة. ولكل واحد منهما فسخها فمتى انفسخت بعد ظهور الثمرة فهي بينهما، وإن فسخ العامل قبل ظهورها فلا شيء له، وإن فسخ رب المال فعليه للعامل أجرة عمله، وقيل هي عقد لازم تفتقر إلى ضرب مدة تكمل الثمرة فيها).

أما كون المساقاة عقداً جائزاً في ظاهر كلام الإمام أحمد فـ «لأن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بخيبر على أن يعملوها ويكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نقركم على ذلك ما شئنا» (١).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٢١٣) ٢: ٨٢٤ كتاب المزارعة، باب إذا قال رب الأرض: أقرك ما أقرك الله ...
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٥٥١) ٣: ١١٨٧ كتاب المساقاة، باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>