قال:(وتنفسخ الإجارة بتلف العين المعقود عليها، وموت الصبي المرتضع، وموت الراكب إذا لم يكن له من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة، وانقلاع الضرس الذي اكترى لقلعه، أو برئه، ونحو هذا).
أما كون الإجارة تنفسخ بتلف العين المعقود عليها كمن اكترى بعيراً بعينه فمات؛ فلأن المنفعة زالت بالكلية فانفسخ العقد الواقع على عينه؛ كتلف المبيع قبل قبضه.
وأما كونها تنفسخ بموت الصبي المرتضع؛ فلأن استيفاء المعقود عليه قد تعذر لأنه لا يمكن إقامة غيره مقامه لاختلاف الصبيان في الرضاع واختلاف اللبن باختلافهم لأن المرضعة قد تدور على ولد دون آخر.
وأما كونها تنفسخ بموت الراكب إذا لم يكن له من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة؛ فلأنه تعذر استيفاء المعقود عليه منه وممن يقوم مقامه. أشبه ما لو مات المركوب.
وفي قوله: إذا لم يكن له من يقوم مقامه دليل على أنها لا تنفسخ إذا كان له من يقوم مقامه لأن الاستيفاء لا يتعذر لوجود من يقوم مقامه.
فإن قيل: كيف الجمع بين قول المصنف: تنفسخ بموت الراكب، وبين قوله بعدُ: لا تنفسخ بموت المكتري؟
قيل: يجب حمل قوله: لا تنفسخ بموت المكتري على أنه مات وله وارث. وقد ذكر المصنف رحمه الله في المغني قول الخرقي: وإذا مات المكري والمكتري أو أحدهما فالإجارة بحالها وعلّله. ثم قال: ونقل عن الإمام أحمد في رجل اكترى بعيراً فمات في بعض الطريق فإن رجع البعير خالياً فعليه بقدر ما وجب له.
ثم قال: وظاهر هذه الرواية أنه حكم بفسخ العقد فيما بقي من المدة إذا مات المستأجر.
ثم قال: ويجب أن يقدر أنه لم يكن ثَم من ورثته من يقوم مقامه في الانتفاع لأن الوارث يقوم مقام الموروث فإذا لم يكن فقد جاء أمر يحجز المستأجر عن منفعة ما وقع عليه العقد. أشبه ما لو مات.
ثم قال: وتأولها القاضي بأن المكري منع الورثة من الانتفاع. ولا يصح؛ لأنه لو كان كذلك لما استحق شيئاً من الكري.