للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [في ضمان الأجير]

قال المصنف رحمه الله: (ولا ضمان على الأجير الخاص -وهو: الذي يسلم نفسه إلى المستأجر- فيما يتلف في يده إلا أن يتعدى. ويضمن الأجير المشترك ما جنت يده من تخريق الثوب وغلطه في تفصيله. ولا ضمان عليه فيما تلف من حرزه أو بغير فعله، ولا أجرة له فيما عمل فيه. وعنه: يضمن).

أما كون الأجير الخاص لا ضمان عليه فيما يَتلف في يده مع عدم التعدي منه فيما عمله؛ كرجل اكترى آخر ليسقي له ماء فانكسرت الجرة، أو ليكيل له فسقط من يده الكيل فانكسر، ونحو ذلك؛ فلأنه غير متعد. أشبه تلف الوديعة.

وأما كون الضمان عليه مع التعدي؛ مثل: أن يتعمد كسر الجرة، أو يكون خبازاً فيسرف في الوقود، أو يلزقه قبل وقته، أو يتركه أكثر من وقته حتى يحترق؛ فلأنه متعد. أشبه الغاصب.

وأما كون الأجير المشترك يضمن ما جنت يده من تخريق الثوب، وغلطه في تفصيله؛ فلما روي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي «أنه كان يُضَمِّنُ الصباغ (١) والصواغ. وقال: لا يُصلح الناسَ إلا ذلك» (٢).

ولأن الأجير المشترك عمله مضمون عليه دليله أنه لا يستحق الأجرة إلا بعمله فما تولد منه يجب أن يكون مضموناً؛ كالجناية على عضوٍ ظلماً.

ولأنه قبض العين لمنفعته فكان ضامناً لها؛ كالمستعير.

وأما كونه لا ضمان عليه فيما تلف من حرزه أو بغير فعله على المذهب؛ فلأن العين في يده أمانة. أشبه المودع.


(١) في ج: الصناع.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ١٢٢ كتاب الإجارة، باب ما جاء في تضمين الأجراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>