وأما كون مالك الثوب يخيّر بين ما ذكر؛ فلأن الجناية على ماله فكانت الخيرة له لا لغيره.
وأما كونه لا أجرة له إذا ضمّنه إياه غير معمول؛ فلأن الأجرة إنما تجب بالتسليم ولم يوجد.
وأما كونه يدفع الأجرة إليه إذا ضمّنه معمولاً؛ فلأنه لو لم يدفع إليه الأجرة لاجتمع على الأجير فوات الأجرة وضمان ما يقابلها.
ولأن المالك إذا ضمّنه ذلك معمولاً يكون في معنى تسليم ذلك معمولاً فيجب أن يدفع إليه الأجرة لحصول التسليم الحكمي.
قال:(وإذا ضرب المستأجر الدابة بقدر العادة، أو كبحها، أو الرائض الدابة لم يضمن ما تلف به. وإن قال: أذنت لي في تفصيله قباء قال: بل قميصاً فالقول قول الخياط. نص عليه).
أما كون المستأجر والرائض لا يضمنا ما ذكر؛ فلأن ذلك تلف من فعل مستحق فلم يضمناه؛ كما لو تلف تحت الحمل. ودليل استحقاق الضرب «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب جمل جابر حين ساقه»(١).
ولأنه لا يمكنه استيفاء المنفعة إلا به.
وأما تقييد المصنف رحمه الله عدم الضمان بقدر العادة فدليل على أنه يجب عليه الضمان عند عدم ذلك. وصرح به في الكافي فقال: وإن تلفت بعدوان كضربها من غير حاجة أو لإسرافه فيه ضمن لأنه جناية على ملك الغير فوجب الضمان كالغاصب.
وأما كون القول قول الخياط فيما إذا قال: أذنتَ لي في تفصيله قباء قال: بل قميصاً على المنصوص؛ فلأنهما اتفقا على الإذن واختلفا في صفته فكان القول قول الخياط كالمضارب إذا ادعى الإذن في النسأ.
ولأنهما اتفقا على ملك الخياط القطع، والظاهر أنه فعل ما ملكه، واختلفا في لزوم الغرم له، والأصل عدمه.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٧٠٦) ٣: ١٠٥٠ كتاب الجهاد، باب من ضرب دابة غيره في الغزو.