ولأنه شغل ملك غيره بملكه الذي لا حرمة له في نفسه بغير إذنه. فلزمه تفريغه؛ كما لو جعل فيه قماشاً.
فإن قيل: فما الفرق بينه وبين الزرع؟
قيل: الزرع لا تطول مدته. بخلاف الغرس.
وأما كونه يؤخذ بقلع بنائه؛ فلأنه يؤخذ بقلع الغرس لما تقدم؛ فلأن يؤخذ بقلع بنائه بطريق الأولى؛ لأن ضرر البناء أكثر وأَدْوَم.
وأما كونه يؤخذ بتسوية الأرض وأرش النقص؛ فلأنه نقص حصل بسبب تعدِّيه.
وأما كونه يؤخذ بالأجرة؛ فلما تقدم.
قال:(وإن غصب لوحاً فرقع به سفينة لم يقلع حتى ترسي).
أما كون اللوح لا يقلع قبل إرساء السفينة؛ فلأن في قلعه إفساداً لمال الغير مع إمكان ردّ الحق إلى مستحقه بعد زمنٍ يسير.
وأما كلام المصنف رحمه الله فمشعرٌ بأمرين:
أحدهما: أن اللوح يُقلع إذا أرست السفينة وهو صحيح؛ لأنه أمكن ردّ الحق إلى مستحقه من غير ضرر أحد.
وثانيهما: أنه لا فرق بين مال الغاصب وبين غيره؛ لاشتراكهما.
وقال صاحب النهاية فيها بعد ذكر مال الغاصب: ويحتمل أن يُقلع، ولا يُنظر ذلك؛ كما لا يُنظر وقوع البناء الذي بُني على دَفٍّ غُصب. ثم قال: والأول أصح؛ لأن ضرر المالك في السفينة يزول عن قريبٍ والبناء يراد للتأبيد.