قال:(وإن غصب أرضاً فحفر فيها بئراً، ووضع ترابها في أرض مالكها: لم يملك طمها إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف بها في أحد الوجهين).
أما كون الغاصب لا يملك طم البئر المتقدم ذكرها إذا أبرأه المالك من الضمان في وجهٍ؛ فلأنه إتلاف لا نفع فيه فلم يكن له فعله؛ كما لو غصب نقرةً فضربها دراهم ثم أراد ردها نقرة.
وأما كونه يملك طمها في وجهٍ؛ فلأنه لا يبرأ من الضمان بإبراء المالك له؛ لأنه إبراء مما لم يجب بعد.
ولأنه إبراء من حق غيره، وهو الواقع فيها.
وكلام المصنف في المغني يشعر بترجيح الأول؛ لأنه قال بعد ذكر المسألة: ولنا: أن الضمان إنما لزمه لوجود التعدي، فإذا رضي صاحب الأرض زال التعدي فزال الضمان، وليس هذا إبراء مما لم يجب إنما هو إسقاط للتعدي لرضاه بذلك.
وفي تقييد المصنف الخلاف المذكور بوضع التراب في أرض المالك، وبإبرائه: إشعارٌ بأن الغاصب إذا وضع التراب في أرض غير المالك، أو لم يبرئه صاحب الأرض لا يجري الخلاف المذكور. وهو صحيح: أما مع كون التراب في أرض غير المالك؛ فلأن التراب متى كان في أرض غير (١) المالك كان له في طم البئر غرض منه، أمنه من إلزامه نقل التراب إلى موضع يستضر بنقله إليه.
وأما مع عدم إبراء المالك من الضمان؛ فلما فيه من الضرر اللاحق به، المنفي شرعاً.
قال:(وإن غصب حباً فزرعه، أو بيضاً فصار فرخاً، أو نوًى فصار غرساً: ردّه، ولا شيء له. ويتخرّج فيه مثل الذي قبله).
أما كون الغاصب يرد ما ذُكر على المذهب؛ فلأنه عينُ مال مالكه.
وأما كونه لا شيء له؛ فلأنه تبرعً بفعله.
وأما كون ما ذكر يتخرج فيه مثلُ الذي قبله. والمراد به الغزل إذا نسج؛ فلأنه يساويه معنى. فوجب أن يساويه حكماً.