للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون المالك له الخيرة بين تضمين الغاصب وبين تضمين الجاني إذا جنى عليه غير الغاصب؛ فلأن كل واحدٍ منهما متعدٍّ: أما الغاصب؛ فلأن النقص حصل في يده، وأما الجاني؛ فلأن النقص حصل بإتلافه.

فعلى هذا إن ضمّن الغاصب ضمّنه أكثر الأمرين لما تقدم. ويرجع الغاصب على الجاني بأرش الجناية، لأنه هو المتلف. وإن ضمّن الجاني ضمّنه أرش الجناية لا أكثر الأمرين؛ لأن أكثر الأمرين إنما وجب لوجود اليد العادية، ولا يد للجاني (١)، وضمّن الغاصب ما بقي من أكثر الأمرين؛ لأنه كان يجب عليه أكثر الأمرين. سقط منه قدر أرش الجناية؛ لأنه استوفي من فاعلها فبقي الباقي على ما كان عليه.

وأما كونه يلزمه ردّ العبد إذا خصاه؛ فلأنه عينُ ملك غيره.

وأما كونه يلزمه ردّ قيمته؛ فلأن الخصيتين يجب فيهما كمالُ القيمة؛ كما يجب فيهما كمال الدية من الحرّ.

وأما كون الدابة من الخيل والبغال والحمير يَضمن عينها بربع قيمتها على روايةٍ؛ فلما روى زيد بن ثابت «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين الدابة بربع قيمتها» (٢).

وروي عن عمر رضي الله عنه «أنه كتب إلى شُريح لما كتب إليه يسأله عن عين الدابة: إنا كنا ننزلها منزلة الآدمي. إلا أنه أجمع رأيُنا أن قيمتها ربع الثمن» (٣).

وأما كون الأول أصح. والمراد به أن المغصوب يضمن نقصه بالقيمة، رقيقاً كان أو غيره؛ فلما ذكر.

ولأن ضمان اليد ضمان المال فكان الواجب فيه ما نقص؛ كالثوب. وحديث زيد لا يُعرف صحته ولو صح لما احتج الإمام أحمد وغيره بحديث عمر، وتركوا قول النبي صلى الله عليه وسلم. وقول عمر محمول على أن ذلك كان قدر نقصها؛ كما روي عنه


(١) في هـ: الجاني.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ٥: ١٣٩/ ٤٨٧٨.
(٣) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه نحوه (١٨٤١٨) ١٠: ٤٠٠ كتاب العقول، باب عين الدابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>