للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [إذا تلف المغصوب]

قال المصنف رحمه الله: (وإن تلف المغصوب ضمنه بمثله إن كان مكيلاً أو موزوناً. وإن أعوز المثل فعليه قيمة مثله يوم إعوازه. وقال القاضي: يضمنه بقيمته يوم القبض. وعنه: تلزمه قيمته يوم تلفه).

أما كون الغاصب يضمن المغصوب المكيل أو الموزون بمثله؛ فلأن المثل أقربُ إلى الحق، ولهذا ضمن به في الإتلاف.

ولأن المثل طريقه المشاهدة، والقيمة طريقها الظن. فكان الأول أولى؛ كالنص مع القياس. فإن النص يدرك بالسماع، والقياس بالظن.

وأما كونه عليه قيمة مثله يوم إعوازه إذا أعوز المثل على المذهب؛ فلأنه يستحق المطالبة بقيمة المثل يوم الإعواز. فوجب أن تعتبر القيمة حينئذ؛ لأنه يوم وجوبها.

وأما كونه يضمنه يوم القبض على قول القاضي؛ فلأن المثل لو وجد قبل القبض كان له المطالبة به. فوجب أن تعتبر القيمة عند القبض؛ لأن القيمة إنما تثبت في الذمة يوم تلفه. فاعتبرت تلك الحال؛ كما لو لم تختلف القيمة.

قال: (وإن لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم تلفه في بلده من نقده. ويتخرّج أن يضمنه بقيمته يوم غصبه).

أما كون الغاصب يضمن غير المثلي بقيمته على المذهب؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «منْ أعتقَ شِرْكاً له في عبدٍ، فكان له مالٌ يبلغُ ثمنَ العبدِ قوّم وأعطي شركاؤهُ حِصصهُم» (١) متفق عليه. أوجب القيمة؛ لأنه غير مثلي.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٣٨٦) ٢: ٨٩٢ كتاب العتق، باب إذا أعتق عبداً بين اثنين أو أمة بين الشركاء.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٥٠١) ٣: ١٢٨٦ كتاب الأيمان، باب من أعتق شركاً له في عبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>