للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يضمن ما جنت يدها أو فمها إذا كانت في يده؛ مثل: أن يكون راكباً لها، أو سائقاً، أو قائداً دون ما جنت رجلها؛ فلأنه يمكنه حفظها عن ذلك. بخلاف الرِّجْل.

ولأنه قد روي في حديث أبي هريرة «رِجْلُ العجماء جُبَار» (١). وذلك يدل بمفهومه على الضمان بغيرها.

ولا بد أن يُلحظ في عدم الضمان برِجْل البهيمة: أن لا يكون كبحها فأتلفت؛ لأنه إذا فعل ذلك يكون التلف منسوباً إليه. فيجب عليه الضمان؛ كسائر مواضع التسبب في الإتلاف.

فإن قيل: هلاّ حمل مُطلق قوله عليه السلام: «العجماء جُبَار» على مُقَيَّدِه من قوله: «رِجْلُ العجماء جُبَار» فيما إذا لم تكن البهيمة في يده؟

قيل: لأن في ذكر الرِّجْل إشارةٌ إلى الفرق بينها وبين غيرها من يدٍ ونحوها، وذلك لا يتحقق في بهيمة ليست (٢) في يده. بخلاف ما إذا كانت في يده، فإن الفرق بينهما ما تقدم ذكره: من إمكان الحفظ في اليد والفم. دون الرجل.

وأما كونه يضمن ما أفسدت البهيمة من الزرع والشجر ليلاً، وكونه لا يضمن ما أفسدت من ذلك نهاراً؛ فلما روي «أن ناقةَ للبراء دخلتْ حائطَ قومٍ. فقضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الأموالِ حِفظَهَا بالنهارِ، وما أفسدتْ بالليلِ فهوَ مضمونٌ عليهم» (٣). [رواه أبو داود وابن ماجة بمعناه] (٤).

قال ابن عبدالبر: إن كان هذا مرسلاً فهو مشهور. حدّثَ به الأئمةُ الثقاتُ واستعملَه فقهاءُ الحجازِ بالقبول.


(١) أخرجه الترمذي في الأحكام، باب ما جاء في العجماء جرحها جبار ٣: ٦٦١/ ١٣٧٧.
(٢) ساقط من هـ.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه (٣٥٧٠) ٣: ٢٩٨ كتاب البيوع، باب: المواشي تفسد زرع قوم.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٢٣٣٢) ٢: ٧٨١ كتاب الأحكام، باب: الحكم فيما أفسدت المواشي.
وأخرجه مالك في الموطأ (٣٧) ٢: ٥٧٣ كتاب الأقضية، باب القضاء في الضواري والحريسة.
(٤) زيادة من ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>