للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه لا يضمن إذا قال: اتركها في كمّك فتركها في جيبه؛ فلما تقدم من أن الجيب أحرز من الكُمّ.

وأما كونه يضمن إذا تركها في يده على وجهٍ؛ فلأن اليد يتطرق إليها الفتح بالنسيان والنوم.

وأما كونه لا يضمن على وجهٍ؛ فلأن اليد أحرز؛ لأن الكُمّ يتطرّق إليه البط.

قال: (وإن دفع الوديعة إلى من يحفظ ماله، كزوجته، وعبده: لم يضمن. وإن دفعها إلى أجنبي، أو حاكم: ضمن. وليس للمالك مطالبة الأجنبي. وقال القاضي: له ذلك).

أما كون المودَع لا يضمن فيما إذا دفع الوديعة إلى من يحفظ ماله، كزوجته وعبده؛ فلأنه مستودَع. فله أن يحفظ الوديعة بنفسه، وبمن جرت العادة أن يحفظ ماله.

وأما كونه يضمن (١) فيما إذا دفعها إلى أجنبي أو حاكم؛ فلأنه مودَع. فليس له أن يُودع من غير عذر.

وأما كون المالك ليس له مطالبة الأجنبي -والمراد به عند التلف- على قولِ غير القاضي؛ فلأن المودَع ضمن بنفس الدفع والإعراض عن الحفظ. فلا يجب الضمان على الثاني؛ لأن دفعاً واحداً لا يوجب ضمانين. بخلاف غاصب الغاصب؛ لأن الغاصب يده ضامنة فرُتِّب الضمان على الضمان.

وأما كونه له ذلك على قول القاضي؛ فلأنه قَبَضَ ما ليس له قبضه. أشبه المستودع (٢) من الغاصب.

قال: (وإن أراد سفراً، أو خاف عليها عنده: ردّها إلى مالكها. فإن لم يجده حملها معه إن كان أحفظ لها، وإلا دفعها إلى الحاكم. فإن تعذر ذلك أودعها


(١) ساقط من هـ.
(٢) في هـ: المودع.

<<  <  ج: ص:  >  >>