للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وللإمام أن يحمي أرضاً من الموات ترعى فيها دواب المسلمين التي يقوم بحفظها ما لم يضيّق على الناس وليس ذلك لغيره).

أما كون الإمام له أن يحمي ما ذكر؛ فلما روي أن عمر قال: «حمى النبي صلى الله عليه وسلم النقيع لخيل المسلمين» (١). رواه أبو عبيد.

والإمام قائم مقامه.

ولأن عمر وعثمان فعلا الحمى، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان كالإجماع.

ولأن في ذلك مصلحة فجاز للإمام فعلها كسائر المصالح، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أَطعمَ الله لنبي طُعمةً إلا جَعلهَا لمن بَعدَه» (٢).

وقول المصنف رحمه الله: ما لم يضيّق على الناس؛ مشعرٌ بأنه إذا كان يضيق على الناس ليس للإمام ذلك. وهو صحيح؛ لأن الجاهلية كانوا يحمون لأنفسهم، ويرعون مع العامة فيما سواه. فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ لما فيه من التضييق على الناس فقال: «لا حِمَى إلاّ للهِ ولِرَسُولِه» (٣) رواه أبو داود.

وأما كون غير الإمام ليس له ذلك؛ فلأن الإمام إنما جاز له ذلك لما تقدم ذكره وذلك مفقود في غيره.

قال: (وما حماه النبي صلى الله عليه وسلم فليس لأحدٍ نقضه. وما حماه غيره من الأئمةِ فهل يجوز نقضه؟ على وجهين).

أما كون ما حماه النبي صلى الله عليه وسلم ليس لأحدٍ نقضه؛ فلأن حماه حكمٌ منه، وحكمه نص. فلم يجز نقضه بالاجتهاد، كسائر أحكامه صلى الله عليه وسلم (٤).


(١) أخرجه أبو عبيد في الأموال (٧٤٠) ص: ٢٧٤ كتاب أحكام الأرضين، باب حمى الأرض ذات الكلأ. عن ابن عمر.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٢٩٧٣) ٣: ١٤٤ كتاب الخراج، باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٤) ١: ٤ كلاهما بمعناه.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٢٤١) ٢: ٨٣٥ كتاب المساقاة، باب لا حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه أبو داود في سننه (٣٠٨٣) ٣: ١٨٠ كتاب الخراج، باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل.
(٤) زيادة من ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>