للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال صاحب النهاية فيها: والصحيح قولنا يعني الأول؛ لأن الظاهر أن اللقيط لا ولي له. فجاز أن يُجعل الملتقط ولياً له. وبهذا فارق الصبيُّ المودَعَ. فإن الولاية عليه لغير المستودَع ثابتة.

قال: (وإن كان فاسقاً، أو رقيقاً، أو كافراً، واللقيط مسلم أو بدوياً ينتقل في المواضع، أو وجده في الحضر فأراد نقله إلى البادية: لم يقرّ في يده).

أما كون اللقيط لا يقرّ في يد الفاسق؛ فلأنه ليس في حفظ اللقيط إلا الولاية، ولا ولاية لفاسق. وفارق اللقطة من وجهين:

أحدهما: أن في اللقطة معنى التكسب، وليس هنا إلا الولاية.

الثاني: أن اللقطة إذا انتزعت منه رُدّت إليه بعد الحول. بخلاف اللقيط فإنه لا يردّ إليه.

وأما كونه لا يقرّ في يد الرقيق؛ فلأنه مستحق الخدمة والمنفعة لسيده.

ولأنه لا يثبت على اللقيط إلا الولاية، وليس العبدُ من أهلها.

وأما كونه لا يُقرّ في يد الكافر إذا كان اللقيط مسلماً؛ فلأن الكافر لا ولاية له على مسلم.

ولأنه لا يؤمن أن يفتن المسلم عن دينه.

وفي كلام المصنف رحمه الله إشعارٌ بأن اللقيط إذا كان كافراً يقرّ في يده. وصرح به في المغني؛ لأن الولاية تثبت لبعض الكفار على بعض.

وأما كونه لا يقرّ في يد بدويٍ ينتقل في المواضع؛ فلأن فيه إتعاباً للصبي بتنقله.

وأما كونه لا يقرّ في يد من وجده في الحضر فأراد نقله إلى البادية؛ فلأنه ينقل اللقيط إلى شدة العيش وجفائه، وفي الأثر: «من بَدَا فقد جَفَا» (١).

ولأن فيه تعسراً لمداواته، ومراجعة الطبيب، وانقطاع النسب، وتفويت التأديب والعلم.


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٩٦٨١) ٢: ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>