للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوقف شرعاً. وقد دل عليه قوله عليه السلام: «إن شئتَ حبستَ أصلَها وتصدقتَ بثمرتها» (١).

وأما ما يحصل الوقف به. فعلى ضربين:

أحدهما: متفق عليه. وهو القول؛ لأنه صريح فيه. فحصل به؛ كحصول سائر العقود بصرائحها.

وثانيهما: الفعل. وفي حصول الوقف به روايتان:

إحداهما: يحصل؛ لأن العرف جارٍ بذلك. وفيه دلالة على الوقف. فجاز أن يحصل به؛ كالقول.

والثانية: لا يحصل به؛ لأنه تحبيس أصلٍ على وجهِ القربة. فوجب أن يفتقر إلى القول؛ كالوقف على الفقراء.

قال المصنف رحمه الله في المغني: ظاهر المذهب أن الوقف يحصل بالفعل مع القرائن الدالة عليه مثل ما تقدم. ويعضد ذلك: أن القرائن جارية مجرى صريح القول في كثير من المواضع. فليكن هاهنا كذلك. بيانه: أن من قدّم إلى ضيفٍ طعاماً كان ذلك إذناً في الأكل، ومن ملأ خابية ماء ووضعها على الطريق كان ذلك تسبيلاً لمائها، وجاز لكل أحدٍ الشربُ منها، ومن نثرَ على الناس شيئاً من اللوز والسكر وغيرهما أُبيح التقاطه. وقد تقدم أن البيع بالمعاطاة جائز (٢)؛ لدلالة الحال. فكذلك هاهنا.

قال: (وصريحه: وقفت وحبّست وسبّلت، وكنايته: تصدّقت وحرّمت وأبدّت. فلا يصح الوقف بالكناية إلا أن ينويه أو يقرن به أحد الألفاظ الباقية، أو حكم الوقف فيقول: تصدّقت صدقةً موقوفةً، أو محبّسةً، أو مُسَبَّلةً، أو محرّمةً، أو مؤبّدةً، أو لا تُباع، ولا تُوهب، ولا تُورث).

أما كون القول الذي يحصل به الوقف له صريحٌ وكناية؛ فلأن الصريح: ما ثبت به الشيء من غير انضمام أمر زائد. والكناية: ما يفتقر ثبوت الشيء به إلى أمرٍ زائدٍ. وكلاهما موجودٌ في الوقف.


(١) سبق تخريجه من حديث عمر ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..
(٢) ص: ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>