للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [الوقف عقد لازم]

قال المصنف رحمه الله: (والوقف عقدٌ لازم. لا يجوز فسخه بإقالةٍ ولا غيرها. ولا يجوز بيعه إلا أن تتعطل منافعه فيباع ويصرف ثمنه في مثله).

أما كون الوقف عقداً لازماً؛ فلأن جوازه ينافي مقتضاه؛ لأن مقتضاه التأبيد، وذلك لا يقبل الزوال.

وأما كونه لا يجوز فسخه بإقالةٍ ولا غيرها؛ فلأن ذلك شأن العقود اللازمة المقتضية للتأبيد.

وأما كونه لا يجوز بيعه إذا لم تتعطل منافعه؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: «إن شئتَ حَبَّستَ أصلَها وسبّلتَ ثمرتها. غيرَ أنه لا يباعُ أصلُها ولا يوهبُ ولا يورث» (١).

وأما كونه يباع إذا تعطلت منافعه؛ كدارٍ انهدمت، أو أرض خربت وعادت مَوَاتاً ولم يمكن عمارتها؛ فلما روي عن عمر «أنه كتبَ إلى سعد لما بلغه أنه قد نقبَ بيت المال بالكوفة: أن انقل المسجد الذي بالتمَّارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد. فإنه لن يزال في المسجد مصل». وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يُظهر أحدٌ خلافه. فكان إجماعاً.

ولأن في بيعه استبقاءَ الوقف بمعناه عند تعذر إبقائه بصورته؛ كما لو استولد الموقوف عليه الجارية الموقوفة أو قتلها.

ولأن الجمود على العين مع تعطيلها تضييع للغرض.

ولأن الهدي لو عطب ذُبح في الحال، وإن كان يختص بموضع دون موضع؛ لأنه لما لم يكن استبقاء المنفعة بالكلية استوفي منها ما أمكن. فكذا هاهنا.

وأما كونه يُصرف ثمنه في مثله؛ فلأنه أقرب إلى غرض الواقف. وظاهر قول المصنف رحمه الله: في مثله يقتضي أن ذلك متعين.

وقال في المغني: ظاهر كلام الخرقي لو صرف في غير جنسه جاز؛ لأن


(١) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>