للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [فيما تفارق العطية الوصية]

قال المصنف رحمه الله: (وتفارق العطية الوصية في أربعة أشياء:

أحدها: أنه يُبدأ بالأول فالأول منها. والوصايا يُسوّى بين المتقدم والمتأخر منها.

والثاني: أنه لا يملك الرجوع في العطية. بخلاف الوصية.

الثالث: أنه يعتبر قبوله للعطيّة عند وجودها، والوصية بخلافه).

أما كون العطية تفارقُ الوصية في البداءة بالأول فالأول منها دون الوصايا؛ فلأن الأول فيها راجحٌ على ما بعده. ضرورة سبقه له في الاستحقاق. بخلاف الأول في الوصية فإنه وإن سبق في القول إلا أنه مساوٍ لما بعده في النقل عند الموت.

وأما كونها تفارقها في أن المعطي لا يملك الرجوع فيها. بخلاف الوصية؛ فلأن الهبة تلزم بالإيجاب والقبول والقبض، وذلك موجودٌ في العطية دون الوصية.

ولأن قوله عليه السلام: «العائدُ في هبتهِ كالعائدِ في قَيْئه» (١) يدل على عدم الرجوع في العطية، وليست الوصية في معناها.

وأما كونها تفارقها في أنه يعتبر القبول للعطية عند وجودها. بخلاف الوصية؛ فلأن العطية تمليكٌ في الحال. فاعتبر قبولها عند وجود ذلك. بخلاف الوصية فإنها تمليكٌ بعد الموت. فاعتبر عند وجوده.

قال: (والرابع: أن الملك يثبت في العطية من حينها، ويكون مُراعاً. فإذا خرج من الثلث عند الموت تبينا أن الملك كان ثابتاً من حينه. فلو أعتق في مرضه عبداً أو وهبه لإنسان ثم كسب في حياة سيده شيئاً ثم مات سيده فخرج من الثلث كان كسبه له إن كان معتقاً وللموهوب له إن كان موهوباً، وإن خرج بعضه فلهما من كسبه بقدر ذلك).

أما كون العطية تفارق الوصية في أن الملك يثبت فيها من حين العطية. بخلاف الوصية؛ فلأنها تمليكٌ في الحال. فوجب أن تثبت حينئذٍ. عملاً بموجبه.


(١) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>