للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي قوله: بعد الموت احترازاً من الوكالة؛ فإنها أمرٌ بالتصرف لكن في الحياة.

وأما قوله: والوصية بالمال (١) هي التبرع به بعد الموت؛ فبيان لمعنى الضرب الآخر وذلك أن الضرب الثاني: أن يوصي مثلاً لزيد بشيء. فهذه هي التبرع بالمال بعد الموت.

وفي قوله: بعد الموت احترازاً عن الهبة؛ فإنها تبرعٌ بالمال لكن في الحياة.

وأما قوله: وتصح من البالغ ... إلى آخره فعائدٌ إلى الوصية بالمال؛ لأن الوصية على الولد لا تصح من فاسقٍ ولا سفيهٍ، ولا يتصور من صبيٍّ لم يجاوز العشر.

أما كون الوصية بالمال من البالغ الرشيد تصح فلا شبهة فيها؛ لأن ذلك يصح تصرفه في ماله حياته. فكذا مماته.

وأما كونها تصح من الفاسق كالعدل؛ فلاشتراكهما في صحة تصرفهما في الحياة.

وأما كونها تصح من المرأة كالرجل، ومن الكافر كالمسلم؛ فلما ذكر في الفاسق والعدل.

وأما كون السفيه تصح وصيته في أصح الوجهين؛ فلأنه إنما حجر عليه لحفظ ماله، وليس في وصيته إضاعة لماله؛ لأنه إن عاش كان له، وإن مات كان له ثوابه، وهو حينئذٍ لا يحتاج إلا إلى الثواب.

وأما كونها لا تصح في وجهٍ؛ فلأنه تصرف. فلم يصح من السفيه؛ كبيعه.

وأما كونها تصح من الصبي العاقل إذا جاوز العشر؛ فـ «لأن صَبياًّ من غسان له عشرُ سنين أوصَى لأخوالٍ له. فرفعَ ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فأجازَ وصيتَه» (٢) رواه سعيد.

ولأنه يميز بين ما ينفعه وما يضره، ولهذا ضُرِبَ في الصلاة (٣).

ولأنه لا ضرر عليه في ذلك؛ لما ذكر في السفيه.


(١) ساقط من هـ.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٤٣١) ١: ١٢٧ كتاب الوصايا، باب وصية الصبي.
(٣) روى عبدالملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» أخرجه أبو داود في سننه (٤٩٤) ١: ١٣٣ كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>