للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [في حكم الوصية]

قال المصنف رحمه الله: (والوصية مستحبةٌ لمن ترك خيراً. وهو: المال الكثير بخمس ماله. ويكره لغيره إن (١) كان له ورثة. فأما من لا وارث له فتجوز وصيته بجميع ماله. وعنه: لا تجوز إلا بالثلث).

أما كون الوصية لمن ترك خيراً مستحبة؛ فلأن الله تعالى قال: {كُتِب عليكم إذا حضر أحدكم الموتُ إن ترك خيراً الوصيةُ} [البقرة: ١٨٠]. نُسخ الوجوب وهو المنع من الترك. بقي الرجحان وهو المستحب.

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقولُ الله عز وجل: يا ابنَ آدمَ! جعلتُ لكَ نصيباً من مالكَ حينَ أخذتُ بِكَظْمِكَ لأُطَهِّرَكَ وأُزَكِّيك» (٢). رواه ابن ماجة.

وكل شيء حصل التطهير والتزكية يكون فعله مستحباً.

وأما قول المصنف رحمه الله: لمن ترك خيراً فمشعرٌ بأن الوصية لا تستحب لمن لم يترك خيراً. وهو صحيح؛ لأن الله تعالى شرط ترك الخير بقوله: {إن ترك خيراً} [البقرة: ١٨٠]، والمعلّق على شرطٍ عدمٌ عند عدمه.

وأما كون الخير هو المال الكثير؛ فلأنه هكذا فُسّر، واختلف العلماء في مقداره فروي عن الإمام أحمد: أنه إذا ترك دون الألف لا يستحب له الوصية. فيدل على أنه لو ترك ألفاً فصاعداً يستحب له الوصية. ومن شرط الاستحباب عنده: أن يترك كثيراً فيلزم أن يكون ذلك كثيراً عنده. وعن علي: أربعمائة دينار. وعن ابن عباس: سبعمائة درهم.

وقال المصنف رحمه الله في المغني: الذي يقوى عندي أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة فلا تستحب الوصية؛ لأن النبي علل المنع بقوله: «إنكَ أن


(١) في هـ: وإن.
(٢) أخرجه ابن ماجة في سننه (٢٧١٠) ٢: ٩٠٤ كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث.

<<  <  ج: ص:  >  >>