للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثانيها: أن يكون من برد شديد. والأصل فيه ما روى عمرو بن العاص قال: «احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل. فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك. فتيممت وصليت مع أصحابي الصبح. فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: يا عمرو! أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال. ثم قلت: سمعت الله تعالى يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: ٢٩] فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا» (١) رواه أبو داود.

وثالثها: أن يكون من مرض. والأصل فيه قوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا} [المائدة: ٦]، وقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: ٧٨].

ولأنه إذا جاز لشدة البرد؛ فلأن يجوز للمرض بطريق الأولى.

ويشترط للمرض المجوز أن يخشى تطاوله أو زيادته؛ لأن من لا يخشى ذلك لا يخاف الضرر. والتيمم للمرض يلحظ فيه خوف الضرر، [ولا ضرر في الماء مع ذلك كله] (٢).

وعن الإمام أحمد رضي الله عنه: لا يجوز التيمم إلا لمن خاف التلف كما إذا جبر زنده بعظم نجس.

والأول أولى؛ لأن مقتضى الآية الأولى جواز التيمم للمريض مطلقًا. تُرك العمل به فيمن لا يخشى ما تقدم ذكره، [وفيمن مرضه يسير، وفيمن يمكنه استعمال الماء المسخن] (٣) لما تقدم فيجب أن يبقى فيما عداه على مقتضاها.

ورابعها: أن يكون من عطش يخافه على نفسه. والأصل فيه أنه خائف على نفسه باستعمال الماء فجاز له التيمم كالمريض.

وخامسها: أن يكون ذلك من عطش يخافه على رفيقه. والأصل فيه أنه يجب عليه بذله إذا خاف تلفه فجاز التيمم كما لو خاف على نفسه.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٣٤) ١: ٩٢ كتاب الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٧٣٥٦) ط إحياء التراث.
(٢) زيادة من ج.
(٣) زيادة من ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>