للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون من وَجد ما يكفي بعض بدنه يلزمه استعمال ذلك إن كان جنبًا؛ فلأنه قدر على استعمال بعض الواجب فلزمه لقوله عليه السلام: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (١) رواه البخاري.

ولأن العجز عن إيصال الماء إلى البعض لا يقتضي سقوطه عن إيصاله إلى الباقي قياسًا على عادم بعض أعضائه.

وأما كونه يتيمم للباقي؛ فلأنه عادم لماءٍ يغسله به فلزمه التيمم له لقوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [المائدة: ٦].

فعلى هذا يجب أن يقدم استعمال الماء على التيمم ليكون عند التيمم عادمًا للماء.

وأما كونه يلزمه استعماله إن كان محدثًا على وجه فلعموم الأدلة المذكورة في الجنب، وقياسًا على الجنب.

وأما كونه لا يلزمه على وجه؛ فلأن الموالاة من فروض الوضوء في الصحيح من المذهب فإذا غسل بعض الأعضاء دون بعض لم يفد شيئًا بخلاف الجنب.

قال: (ومن عدم الماء لزمه طلبه في رحله وما قرب منه. وإن دل عليه قريبًا لزمه قصده. وعنه لا يجب الطلب. وإن نسي الماء بموضع يمكنه استعماله وتيمم لم يجزئه).

أما كون من عدم الماء يلزمه طلبه على المذهب؛ فلأن الله تعالى أباح التيمم بشرط عدم الوجدان. ولا يقال لم يجد إلا لمن طلب.

ولأنه بدل فلم يجز العدول إليه قبل الطلب للمبدل كالصيام في الظِّهار.

وأما كونه لا يلزمه طلبه على روايةٍ؛ فلأن كل عبادة تعلق وجوبها بوجود شرط لم يلزمه طلب ذلك الشرط كالمال في الحج والزكاة.

ولأنه غير عالم بوجوده أشبه ما لو طلب فلم يجد.

والأول أصح؛ لما تقدم.

ولأن الماء شرط لصحة الصلاة فلزم الاجتهاد في طلبه عند إعوازه كالقبلة.


(١) سبق تخريجه ص: ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>