للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه يروى عن إياس بن عبد المزني «أن النبي صلى الله عليه وسلم سًئلَ عن قوم وقع عليهم بيت. فقال: يرث بعضهم بعضاً» (١).

وأجاب بعض أصحابنا عن قول أحمد رحمه الله في امرأة وابنها بأنه يحتمل اختصاصه بما إذا ادعى وارث كلِّ ميتٍ بأن موروثه كان آخرهما موتاً؛ لأن مع التداعي تتوجه اليمين على المدعى عليه.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله ترجيح توريث الأحياء. واحتج في المغني بأمور:

منها: أن قتلى اليمامة وصفين والحرة لم يورّث بعضهم من بعض.

ومنها: ما روى جعفر بن محمد عن أبيه: «أن أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه توفيت هي وابنها. فالتقت الصيحتان في الطريق. فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه. فلم ترثه ولم يرثها» (٢).

ومنها: أن شرط التوارث حياة الوارث بعد موت الموروث وهو غير معلوم. فلا يثبت التوارث مع الشك في شرط.

ولأنه لم تعلم حياته حين موت موروثه. فلم يرثه؛ كالحمل إذا وضعته ميتاً.

ولأن الأصل عدم التوارث. فلا يثبت بالشك.

ولأن توريث كل واحدٍ منهم خطأ يقيناً؛ لأنه يحتمل أن يكون مَوْتُهما معاً.

وقال جواباً عن حديث إياس المتقدم: الصحيح أن هذا إنما هو عن إياس نفسه وأنه هو المسؤول. وليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا (٣). رواه سعيد في سننه.

قال: (فيقدر أحدهما مات أولاً ويورّث الآخر منه، ثم يقسّم ما ورثه منه على الأحياء من ورثته، ثم يصنع بالثاني كذلك. فعلى هذا لو غرق أخوان أحدهما


(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٣٤) الموضع السابق.
وأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (١٩١٥٩) ١٠: ٢٩٧ كتاب الفرائض، باب الغرقى.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣١٣٢٩) ٦: ٢٧٧ كتاب الفرائض، في الغرقى من كان يورث بعضهم من بعض.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٤٠) ١: ٨٦ كتاب الفرائض، باب الغرقى والحرقى.
(٣) ر تخريج الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>