للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و «لأن عمر وعثمان قضيا أن من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فله نصيبه» (١). وكان ذلك بمحضرٍ من الصحابة ولم ينكر. فكان إجماعاً.

وأما كونه لا يرث على روايةٍ؛ فلعموم ما تقدم.

والأول هو الصحيح؛ لما ذكر.

ولأن فيه ترغيباً في الإسلام وحثاً على الدخول فيه وذلك مطلوب شرعاً.

وأما كون العبد إذا عتق بعد موت موروثه وقبل القسم لا يرث وجهاً واحداً؛ فلأن مقتضى الدليل عدم إرث من فيه مانعٌ منه حين الموت. خولف في الكافر إذا أسلم على المذهب؛ لما ذكر. فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل. وقياس العتق على الإسلام لا يصح لوجهين:

أحدهما: أن العتق ليس من اختيار المعتق. فليس في الحكم بإرثه حثٌّ له على ذلك. بخلاف الإسلام فإنه من اختيار من أسلم، وفي الحكم بإرثه حثٌّ له على الدخول فيه.

وثانيهما: أن الإسلام أعظم القرب والطاعات فلا يقاس عليه ما ليسَ في معناه.

قال رحمه الله: (ويرثُ أهل الذمة بعضهم بعضاً إن اتفقت أديانهم، وهم ثلاث ملل: اليهودية، والنصرانية، ودين سائرهم).

أما كون أهل الذمة يرث بعضهم بعضاً إذا اتفقت أديانهم؛ فلأن المانع من الإرث اختلاف الدين وهو غير موجود. فوجب الحكم بالإرث عملاً بالمقتضي له السالم عن المعارض.

وأما كون أهل الذمة ثلاث ملل؛ فلأن اليهودية ملة، والنصرانية ملة، ودينُ سائرهم ملة.

أما كون كل واحدةٍ من اليهودية والنصرانية ملة فظاهر؛ لأن لكل واحدةٍ منهما كتاباً وأحكاماً وشرائع غير الأخرى.


(١) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (٩٨٩٤) ٦: ٢٦ كتاب أهل الكتاب، المسلم يموت وله ولد نصراني.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه عن عثمان مختصرا (١٨٥) ١: ٧٥ كتاب الفرائض، باب: من أسلم على الميراث قبل أن يقسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>