للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [في بيع المكاتب]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (ويجوز بيع المكاتب. ومشتريه يقوم مقام المكاتِب فإن أدى إليه عتق وولاؤه له. وإن عجز عاد قِناًّ له. وإن لم يعلم أنه مكاتب فله الرد أو الأرش. وعنه: لا يجوز بيعه).

أما كون بيع المكاتب يجوز على المذهب؛ فلما روت عائشة أنها قالت: «جاءت بريرة إليّ. فقالت: يا عائشة! إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني. قالت عائشة: إن أحبّ أهلك أن أَعُدَّها لهم ويكون ولاؤك لي ففعلت. فعرضت ذلك عليهم فأبوا. فذكرت عائشة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: لا يمنعك ذلك منها ابتاعي وأعتقي ... مختصر» (١) متفق عليه.

قال ابن المنذر: بيعت بريرة بعلم النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكاتبة ولم ينكر ذلك.

وأما كون مشتريه يقوم مقام المكاتِب؛ فلأنه بدل عنه.

وفيه إشعار بأن الكتابة لا تنفسخ بالبيع؛ كالنكاح والإجارة.

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن بيع السيد مكاتبه على أن تبطل كتابته ببيعه إذا كان ماضياً فيها مؤديا ما يجب عليه من نجومه في أوقاتها غير جائز.

وأما كونه إذا أدى إليه يعتق وولاؤه له، وإذا عجز يعود قِناًّ له؛ فلأن حكمه هكذا كان مع البائع وقد ثبت مساواة المشتري له.

وأما كونه له الرد أو الأرش إذا لم يعلم أنه مكاتب؛ فلأن الكتابة نقص؛ لأنه لا يقدر على التصرف فيه وقد انعقد سبب الحرية فيه. أشبه الأمة المزوجة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٠٦٠) ٢: ٧٥٩ كتاب البيوع، باب: إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٥٠٤) ٢: ١١٤١ كتاب العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>