للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه لا يجوز له تزويج ابنة تسع سنين إلا بإذنها على روايةٍ؛ فلأنها بلغت سناً تصلح للبلوغ. أشبهت البالغة.

ولم يتعرض المصنف إلى البالغة وفيها عن الإمام أحمد رواية لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُنكحُ الأيّمُ حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكرُ حتى تُستأذن. قالوا: يا رسول الله! فكيف إذنُها؟ قال: أن تسْكُت» (١). متفق عليه.

ولأنها جائزة التصرف في مالها بنفسها. فلم يكن للأب تزويجها بغير إذنها؛ كالثيّب.

وأما كونه له تزويج الثيّب الصغيرة على وجه؛ فلأنها كالغلام في الصغر. فكان له تزويجها؛ كولده الصغير.

وأما كونه ليس له ذلك على وجه فبالقياس على الثيّب الكبيرة.

ويظهر من ذلك ومن العموم المتقدم أن الثيب إن يكنّ بالغات لم يكن للأب تزويجهن إلا بإذنهن. وهو صحيح. ووجهه ما تقدم.

ولأنه قال عليه السلام: «الأيمُ أحقُ بنفسِها من وليّها» (٢).

وعنه أنه قال: «ليسَ للوَلي معَ الثيبِ أمرٌ» (٣). رواهما النسائي وأبو داود.

ولأنهن رشيدات عالمات بالمقصود من النكاح. فلم يكن للأب تزويجهن؛ كابنه البالغ.

وأما كون السيد له تزويج إمائه الأبكار والثيب بغير إذنهن؛ فلأن النكاح عقد على المنافع. فكان للسيد عقده؛ كالإجارة.

وأما كونه له تزويج عبيده الصغار بغير إذنهم على المذهب؛ فلأنه إذا كان له تزويج ابنه الصغير. فلأن يكون له تزويج عبده الصغير بطريق الأولى.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٨٤٣) ٥: ١٩٧٤ كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٤١٩) ٢: ١٠٣٦ كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت.
(٢) سبق تخريحه قريباً.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه (٢١٠٠) ٢: ٢٣٣ كتاب النكاح، باب في الثيب.
وأخرجه النسائي في سننه (٣٢٦٣) ٦: ٨٥ كتاب النكاح، استئذان البكر في نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>