للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضراً. ووصيه في النكاح بمنزلته. وعنه: لا تستفاد ولاية النكاح بالوصية. وقال ابن حامد: لا يصح إلا أن لا يكون لها عصبة).

أما كون وكيل كل واحدٍ من الأولياء يقوم مقامه وإن كان حاضراً؛ فلأن الوكالة في النكاح تصح؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكّل أبا رافع في تزويج ميمونة» (١). و «وكّل عمرو بن أمية في تزويج أم حبيبة» (٢).

ولأنه عقد معاوضة. فصح التوكيل فيه؛ كالبيع. وإذا صحت الوكالة فيه قام الوكيل مقامه كالوكيل في البيع وغيره.

ولا فرق في الصحة بين الوكالة في القبول وبين الوكالة في الإيجاب، ولا بين كونها مُطْلقة؛ مثل: أن يوكله في تزويج من يرى بشرطه، وبين كونها مؤقتة؛ مثل: أن يوكله في تزويج رجل بعينه أو امرأة بعينها، ولا بين كون الولي مجبراً؛ كالأب، أو غير مجبر؛ كالجد ونحوه؛ لأن الكل سواء معنى فكذا يجب أن يكون حكماً.

وفي قول المصنف: ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه؛ إشعارٌ بأن وكيل المجبر يملك الإجبار ووكيل غير المجبر لا يملك الإجبار لأنه أقام مقام نفسه. فوجب أن يثبت له ما هو لموكله.

وفي قوله: وإن كان حاضراً تنبيه على أن الوكالة ليس من شرطها الغيبة.

ولأن الحاجة كما تدعو إلى الوكالة للغيبة. فكذلك تدعو إليها مع الحضور لكون الموكل يأنف مباشرة العقد ومثله لم تجر العادة بمباشرته.

وأما كون وصي كل واحد من الأولياء في النكاح بمنزلته على المذهب واختاره الخرقي؛ فلأنها ولاية نائبه. فجازت وصيته بها؛ كولاية المال.

ولأن الوصية نيابة بعد الموت. فجازت الوصية بها؛ كالوكالة.


(١) أخرجه الترمذي في جامعه (٨٤١) ٣: ٢٠٠ كتاب الحج، باب ما جاء في كراهية تزويج المحرم.
وأخرجه أحمد في مسنده (٢٧٢٤٠) ٦: ٣٩٣.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٣٩ كتاب النكاح، باب الوكالة في النكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>