للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [القسم الثالث]

قال المصنف رحمه الله تعالى: (القسم الثالث: مشترك بينهما. وهو: الجذام، والبرص، والجنون سواء كان مُطْبقاً أو يخنقُ في الأحيان. فهذه الأقسام يثبت فيها خيار الفسخ روايةً واحدة).

أما كون الثالث مشتركاً بين الرجل والمرأة فظاهر؛ لأنه يقع بكل واحد منهما.

وأما كون كل واحد من الجذام والبرص مثبتاً للفسخ؛ فلأنهما يثيران نفرة في النفس تمنع قربان أحدهما الآخر ويخشى تعديه إلى النفس والنسل، وذلك وسيلة مانعة من الاستمتاع. فأثبت كل واحد منهما لكل واحد فسخ النكاح؛ كالجَبِّ والعنّة.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه تزوج امرأةً فرأى بكَشْحِهَا بياضا. فقال لها: البسي ثيابكِ والحقي بأهلِك» (١).

وأما كون الجنون مثبتاً للفسخ أيضاً؛ فلأنه يثير النفرة المذكورة، ويخاف ضرره.

وأما كون ما ذكر كذلك سواء كان مطبقاً أو يخنق في الأحيان. والمراد كونه دائماً أو يعتوره وقتاً دون وقت؛ فلأن النفس لا تسكن إلى من هذه حياته.

وأما قول المصنف: فهذه الأقسام يثبت بها خيار (٢) الفسخ روايةً واحدة؛ فتأكيد لما سبق، وتصريح بأنه لا خلاف عن الإمام أحمد في ذلك.


(١) أخرجه أحمد في مسنده (١٥٦٠٢) طبعة إحياء التراث. ولفظه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار فلما دخل عليها وضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها بياضا فانحاز عن الفراش. ثم قال: خذي عليك ثيابك ولم يأخذ مما أتاها شيئا».
(٢) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>