وأما كون المجوسي إذا تزوج كتابية أو اشترى نصرانية يحول بينهما الإمام على روايةٍ؛ فلأنه نكاح فاسد. أشبه المسلم إذا نكح نكاحاً فاسداً.
وأما كونه يُخَرَّج من هذا أن الكفار لا يقرون على نكاح محرّم؛ فلأن الحيلولة المذكورة تقتضي عدم الإقرار، وإنما كان كذلك لكون النكاح فاسدا، وهذا موجود في نكاح غير المجوسي.
فإن قيل: قد نقل عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه يملك الحيلولة المذكورة لأن النصارى لهم كتاب. وعلل أبو بكر بأن علينا في ذلك ضرراً يعني تحريم أولاد النصرانية.
قيل: في التخريج على ذلك إذاً نظر لأن ظاهر تعليل الإمام وأبي بكر ينفي هذا التخريج لأن الحيلولة إذا كانت لمعنى وجب أن يكون في المُخَرَّج. وكلا التعليلين مفقود في الأنكحة الفاسدة لأن من نكاحها يحرم لها دين ولا يحرم نكاح ولدها (١). فوجب اقتصار الحيلولة على المنصوص لانتفاء العلة المقتضية للحيلولة في غيره.
قال:(وإن أسلموا أو ترافعوا إلينا في ابتداء العقد لم نُمْضِه إلا على الوجه الصحيح. وإن كان في أثنائه لم يتعرض لكيفية عقدهم، بل إن كانت المرأة ممن لا يجوز ابتداء نكاحها كذات محرمه ومن هي في عدتها أو شرط الخيار في نكاحها متى شاء أو مدة هما فيها أو مطلقة ثلاثاً فرق بينهما، وإلا أقرا على النكاح).
أما كون الإمام لا يمضي نكاح الكفار إلا على الوجه الصحيح إذا أسلموا أو ترافعوا إليه في ابتداء العقد؛ فلأن الله تعالى قال:{وإن حكمتَ فاحكم بينهم بالقسط}[المائدة: ٤٢]، وقال:{وأن احكم بينهم بما أنزل الله}[المائدة: ٤٩].
ولأنه لا حاجة إلى عقده. بخلاف ذلك.
وأما كونه لا يتعرض لكيفية عقدهم إذا أسلموا أو ترافعوا في أثنائه؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أسلم في زمنه خلقٌ كثير وجَمٌ غفير فأقرَّهم على أنكحتهم ولم يسألهم النبي