للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون القول قول الزوج على وجه؛ فلأن الأصل بقاء النكاح والفسخ طارئ عليه. فكان القول قول من يوافق قوله الأصل؛ كالمنكر.

وهذا الخلاف مبني على أنه يعتبر إسلامهما دفعة واحدة. أما إذا قيل: العبرة بالمجلس فينبغي أن يكون القول قول الزوج قولاً واحداً لأن الظاهر ينتفي حينئذ.

قال: (وإن أسلم أحدهما بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة. فإن أسلم الثاني قبل انقضائها فهما على نكاحهما، وإلا تبينا أن الفرقة وقعت حين أسلم الأول. فعلى هذا لو وطئها في عدتها ولم يسلم الثاني فعليه المهر، وإن أسلم فلا شيء لها، وإذا أسلمت قبله فلها نفقة العدة، وإن كان هو المسلم فلا نفقة لها، وإن اختلفا في السابق منهما فالقول قولها في أحد الوجهين. وعنه: أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما كما قبل الدخول، وأما الصداق فواجب بكل حال).

أما كون الأمر يوقف على انقضاء العدة على المذهب فيما إذا أسلم أحد الزوجين قبل الدخول؛ فلما روى ابن شهاب قال: «كان بين إسلامِ صفوانَ بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحوٌ من شهر. أسلمتْ يوم الفتح وبقيَ صفوان حتى شهد حنيناً والطائف وهو كافر. فلم يفرّق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما واستقرّت عنده امرأتُه بذلك النكاح» (١). رواه مالك في الموطأ.

وقال ابن عبدالبر: وشُهرة هذا الحديث أقوى من إسناده.

وقال ابن شهاب: «أسلمتْ أم حكيم يوم الفتح وهربَ زوجُها عكرمةُ حتى أتى اليمن. فارتحلتْ حتى قدمت عليه اليمن فدعتهُ إلى الإسلام. فأسلمَ وقدمَ فبايعَ النبي صلى الله عليه وسلم. فثَبَتَا على نِكاحِهِما» (٢).

و«لأن أبا سفيان أسلمَ عام الفتح قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ولم تسلم هند حتى فتحت مكة فثبتا على نكاحهما» (٣).


(١) أخرجه مالك في موطئه (٤٤ - ٤٥) ٢: ٤٢٨ - ٤٢٩ كتاب النكاح، باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله.
(٢) أخرجه مالك في موطئه (٤٦) ٢: ٤٢٩ الموضع السابق.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٨٦ كتاب النكاح، باب من قال: لا ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما ...

<<  <  ج: ص:  >  >>