للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون من ذكر يجبر على الاختيار إذا لم يختر؛ فلأنه حق عليه يمكنه فعله وهو ممتنع منه. فأجبر عليه؛ كإيفاء الدين. بيان أنه حق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به غيلان وقيساً (١)، وأمره للوجوب. وإذا وجب عليهما وجب على من ساواهما في المعنى الذي وجب الاختيار من أجله؛ لوجود العلة.

ولقوله عليه السلام: «حُكمي على الواحدِ حُكمي على الكُل» (٢).

وأما كونه عليه نفقتهن إلى أن يختار؛ فلأنهن في حبسه لأن له أن يختار من شاء منهن.

فإن قيل: هذا اختيار الحاكم كالمُولي إذا امتنع من الفيئة والطلاق.

قيل: الخيار هاهنا خيار تشهي، ولا سبيل إليه إلا بمعرفة منه.

قال: (فإن طلق الجميع ثلاثاً أقرع بينهن فأُخرج بالقرعة أربعٌ منهن، وله نكاح البواقي).

أما كون المطلقات بما ذكر يقرع بينهن؛ فلتمييز الزوجات اللواتي هن محل الطلاق.

وأما كون أربع منهن يخرجن بالقرعة؛ فلأن ذلك فائدة الإقراع.

وأما كون المطلق له نكاح البواقي فلأنهن لم يطلقن منه.

وشرط هذا النكاح: أن تنقضي عدة المطلقات. ذكره المصنف في المغني؛ لئلا يكون جامعاً بين أكثر من أربع.

واشترط المصنف رحمه الله تعالى هنا في طلاق الجميع: أن يكون ثلاثاً؛ لأنه لو طلقهن أقل من ذلك لكان طلاقهن رجعياً، ويقرع بينهن وبين المختارات؛ لما سبق.


(١) سبق ذكر حديثي غيلان وقيس قريباً.
(٢) قال الزركشي في كتابه المعتبر (ص: ١٥٧): لا يعرف بهذا اللفظ. ولكن معناه ثابت أخرجه الترمذي في جامعه (١٥٩٧) ٤: ١٥١ كتاب السير، باب ما جاء في بيعة النساء. بلفظ: «إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامراة واحدة».
وأخرجه النسائي في سننه (٤١٨١) ٧: ١٤٩ كتاب البيعة، بيعة النساء. بلفظ: «إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة».

<<  <  ج: ص:  >  >>